Dabas Management
1155 Camino Del Mar
Suite 411
Del Mar, CA 92014
ph: 8583536567
fax: 8587949545
alt: 8587949545
ahmadada
بسم الله الرحمن الرحيم
حول التنظيم والملاكات
أولاً ـ تمهيد
* التنظيم أحد الوظائف العامة للإدارة، إلى جانب التخطيط والتوجيه واتخاذ القرار والتحفيز والإحصاء والتتبع والمساعدة..
* يتلخص مفهوم هذه الوظيفة بتصميم البنية الهيكلية للجهة، وما يتبعها من ملاكات " أُطر " وأنظمة، تحكم العلاقات والاتصالات بين مستويات الجهة وأقسامها وتفرعاتها المختلفة.. لتتمكن من تحقيق أهدافها، بتوزيع الأهداف على وحدات فرعية متنوعة الاختصاصات.. تؤمن تحقيق أهداف الجهة الأُم، بشكل متكامل ومتناسق..
* يمارس التنظيم على جميع الأصعدة والقطاعات.. بدءاً من المجتمع وكل مستوياته ومنظماته ومؤسساته وشركاته ومرافقه وأجهزته المركزية المختلفة، وصولاً إلى الوحدات المحلية الكبيرة والصغيرة منها.. وانتهاءً بالوحدات الخارجية في العالم..
* ومحصلة الممارسة: وضع الهيكل التنظيمي للجهة.. وهو يشابه الهيكل العظمي في جسم الإنسان، الذي تتوضع عليه وتتكامل معه بقية أجهزته وأعضائه، والذي تتوقف عليه سلامة الجسم عامة..
* وبتصميم الهيكل التنظيمي وما يتلوه، نغرس " بذرة " النجاح أو الإخفاق في مستقبل الجهة.. فلا بدّ من إعطاء هذه الوظيفة ما تستحقه من العلمية والواقعية، دون تقليد أو قياس حرفي على ما لدى الغير والأجانب.. وإلاّ، فقد نجد × " بطالة مقنّعة " معيقةً في الملاكات أو بزيادة عدد الوحدات الفرعية، وما يتبعها من زيادات في التكاليف في المنتجات والخدمات، وما يرافقها من تعقيدات في الصلاحيات والمسؤوليات والعلاقات بين المستويات الهرم الإداري في المجتمع.. حيث تسود البيروقراطية والروتين كظاهرة مرضية..
أو قد نجد × نواقص معيقة أيضاً لنشاط الجهة..
ثانياً ـ تكوين الهيكل التنظيمي
يتألف من 3 أنواع من الوحدات الفرعية.. هي:
1- الوحدات الفرعية، العامة والتقليدية:
* ـ لممارسة الوظائف العامة للإدارة..
* ـ ولممارسة مهماتها التقليدية.. كالشؤون الشخصية، والقانونية، والديوانية، والأبحاث، والاتصالات، والمعلوماتية، ونقل البريد، والنسخ والحفظ والأرشفة، والنقل.... ويفترض إحداث وحدة لممارسة وظيفة التنظيم في المستويات العليا، إلى أن تُحدث وزارة التنمية الإدارية..
2- الوحدات الفرعية.. الفنية أو المختصة لممارسة النشاط الأساس للجهة.. وهي متنوعة كثيراً بحسب اختلاف أهداف الجهات ومجالاتها وأنشطتها.. كالزراعة، أو التدريس، أو التجارة، أو السياسة، أو الثقافة، أو الصناعة، أو الرياضة.... وأرى أن يؤخذ رأي المختصين فيها..
3 ـ الوحدات الفرعية، التي تحدث بموجب عوامل أخرى، يختلف عددها وواجباتها وتسمياتها وحجمها ونطاقها.. بحسب واقع الجهة أو المنظمة الأم:
× العامل الجغرافي، الذي يتطلب امتداد بعض الوحدات الفرعية مكانياً، إلى المحافظات أو المناطق أو النواحي.. كلها أو بعضها.. أو إلى خارج المجتمع في العالم..
× الوقت، لمواجهة زيادة النشاط في مواسم معينة.. كالحبوب، والقطن، والسكر.. أو لاستمرار النشاط..
× العامل السلعي، بإيجاد وحدات تختص بسلع معينة.. كالغذائية، والنسيج، والنفط، ومواد البناء..
× عامل الأنشطة، كالخزن، والتسويق، والنقل، والتصدير والاستيراد، والمبيعات والمشتريات..
× عامل الزبائن، كتنوع المصارف إلى تجاري، وصناعي.. أو وحدات التعامل مع تجار الجملة والمفرق..
× عامل الحالات الطارئة والكوارث، بما يحقق الجاهزية للجهة للاستمرار في نشاطها بوتيرة ملائمة..
× . . . . . . . .
ثالثاً ـ الأنشطة التالية للهيكل التنظيمي
أ – الملاكات العددية " الأطر " للعاملين، اللازمة للوحدات الفرعية.. ولمركز المنظمة الأم..
ب - الملاكات العددية للتجهيزات والآليات ووسائط النقل والمفروشات والمعدات..
ت - الأنظمة الداخلية وتعليمات العمل والعمليات للمنظمة وغيرها، التي توضح المهام المركزية للجهة والوحدات الفرعية والعلاقات فيما بينها، ومع المتعاملين، المحليين والأجانب، والمواطنين..
ث - توصيف الوظائف مع شروط إشغال كل منها، بما يساعد موضوعياً على وضع الشخص المناسب في مكانه.. ويساعد شاغل أية وظيفة،كرئيس إداري، على تفهم واجباته من زاويتين: * الاختصاصية.. * والإدارية..
ج - معايير قياس الأداء للنشاط الإداري والإنتاجي والخدمي..
ح - نظام الحوافز..
خ - .. .. .. .. ..
ثالثاً ـ منطلقات النجاح في ممارسة وظيفة التنظيم
1 ـ التكامل، وليس التداخل أو الازدواجية، بين اختصاصات الوحدات الفرعية وواجباتها.. بما يحقق أهداف الجهة الأم وواجباتها بشكل متناسق، دون تنازع إيجابي أو سلبي بين الوحدات..
2 ـ جعل الوحدات الفرعية " أو الأشخاص " المرتبطة بإداري، متناسبة في عددها ومهامها مع قدراته البشرية والفنية على الاستيعاب والإشراف.. دون نقصان يؤدي إلى فراغ، أو زيادة مربكة.. وإلاّ، يتوجب توزيع الوحدات الفرعية إلى عدة مجموعات لكل منها رئيس، وترتبط بعدد محدود بالإداري الأول..
3 ـ إذا كان التقليد غير وارد في مسألة التنظيم عموماً، فهو غير وارد أساساً في تحديد "نطاق الإشراف " للرؤساء.. وينصح هنا، بالقياس " وليس التقليد " على التشكيلات في الجيوش والقوات المسلحة.. كما يجب أن تؤخذ في الاعتبار واقع المرتكزات الأساسية للإدارة ومستواها، وهي: الإنسان، والقوانين الأنظمة، والهيكل التنظيمي للمجتمع، والأدوات الإدارية..
4 ـ الملاءمة بين المركزية واللامركزية، وتحديد نقطة الوقوف بينهما بدقة، لأن الأمور نسبية في عالم الإدارة، ولا توجد مركزية أو لامركزية مطلقة.. بل تتعين نقطة الوقوف بينهما، مرحلياً، وأيضاً بعد تحليل ظروف المجتمع ومستوى الإدارة والإداريين فيه وواقع مرتكزاتها الأساسية الأربعة..
5 ـ المراعاة في توزيع الاختصاصات والمهام، مبدأ تكافؤ الصلاحيات وتوازنها مع الواجبات والمسؤوليات..
6 ـ الفصل بين شخصيتي متخذ القرار، وبين " المنسق ".. بإيجاد موقعين، يشغل أحدهما متخذ القرار، ويشغل " المنسق " الموقع الثاني، ويكون مسؤولاً أمام الأول عن الأعمال والنشاط الداخلي للوحدة الإدارية.. وخاصة في المستويات العليا والمتوسطة..
7 ـ أن تساعد الاتصالات والعلاقات في تنظيم الجهة وأنظمتها على تطبيق مبدأ تفويض السلطة.. بما يخفف عن الرؤساء عبء المهام التفصيلية، ويوفر لهم وقتاً أكبر للواجبات الرئيسة، ويحقق السرعة والمرونة في الإنجاز، وتيسير أمور المتعاملين والمواطنين، فضلاً عن تأهيل العاملين وإيجاد أطر " كوادر " احتياطية..
8 ـ استعمال الأدوات الإدارية المتطورة على أوسع نطاق، وتحديثها باستمرار.. بما يساعد على وضوح الأنشطة، وجمع المعلومات وترتيبها أولاً بأول، وسرعة تبادلها وإجراء الاتصالات والتصرفات الفورية، داخل الجهة، ومع الجهات الأخرى، المحلية والخارجية.. ويساعد على التوسع في الأسلوب اللامركزي..
9 ـ أن يساعد الهيكل التنظيمي وما يتلوه، على العمل الجماعي المنسق بين العاملين في الوحدات الفرعية.. بما يكفل مشاركتهم في نشاط الحهة الأم، وتحقيق نظام الشورى في التخطيط واتخاذ القرارات وسائر التصرفات..
10 ـ تحقيق عامل الاستقرار في ممارسة وظيفة التنظيم بالدراسة المتأنية العلمية والواقعية.. وهو مبدأ مطلوب عموماً في العمل الإداري.. مما يفرض عدم الاستعجال في تعديل ما يوضع في محصلتها، وإفساح المجال لتطبيق الهيكل التنظيمي وما يتفرع عنه لمدة كافية تساعد على إجراء تقييم موضوعي لإيجابياته وسلبياته..
11 ـ الإقلال من الوحدات المؤقتة.. والتفكير أولاً، عند ظهور واجبات جديدة، بإمكانية إناطتها بوحدات قائمة.. أو تشكيل لجان " إنجاز " محدودة المدة، بحيث تنقضي بعد انتهاء مهمتها..
12 ـ أن تترك في الهيكل التنظيمي، المرونة لمواجهة الحالات الموسمية التي يزداد فيها حجم الأعمال والنشاط.. شريطة العودة إلى الأصل بعد انقضاء الموسم..
13 ـ تحقيق الجاهزية، والاستعدادها الدائم لاستمرار الأعمال والنشاط بوتيرة مناسبة في حالات الطوارئ والكوارث، التي قد تكون مسبباتها: * طبيعية.. * أو فنية * أو بشرية.. * داخلية وخارجية.. مما يفترض إيجاد وحدات فرعية مختصة للقيام بهذه المهمة بشكل دائم، ولا سيما في المستويات العليا والمتوسطة..
14 ـ . . . . . . .
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
وطيفة التتبع والمساعدة..
أولاً ـ تمهيد
معلوم أن التتبع هو أحد الوظائف العامة للإدارة..
ويجب أن يكون فعّالاً ذا وجهٍ إيجابي، يتصف بمساعدة الجهات المتابعَة في حلّ الصعوبات التي تصادفها.. وليس ما هو سائدٌ عنه بأنه ذو وجه سلبي.. وبالتالي يجب حُسن اختيار المتابِعين والمفتشين والمراقبين والمدققين، وتأهيلهم ليمارسوا هذه الوظيفة بكفاءة، ويكونوا بنّائين في رفع مستوى الإدارة..
ثانياً ـ إختيار المتابِعين
* إذا كان وضع الشخص المناسب في مكانه هاماً بالنسبة لجميع الإداريين، فإن اختيار المتابِعين والمفتشين والمراقبين يتطلب صفات مميزة.. منها:
10- التمييز بين الخطأ والخطيئة؛ فالخطأ يرافق أي نشاط، ومن لا يعمل لا يخطئ..
11- حُسن الاستماع، والمحافظة على الأسرار، فالمرء بريء حتى تثبت إدانته.. والكياسة والتواضع والبساطة وضبط النفس والأناة، في الاتصالات بالعاملين..
12- النظرة المتفائلة للأمور، لدى استخلاص النتائج، بما يجعل المقترحات عملية ووقائية تدرأ الخطأ قبل حدوثه، وإيجابية بنّاءة تساعد على تشجيع المبادرات، وعدم الاكتفاء بدور سلبي وتصيّد الأخطاء بعد وقوعها..
* تعتبر هذه الصفات مطلوبة ابتداءً، وباستمرار، وهذا ممكن:
أ ـ بمتابعة نشاط المتابِع أو المراقب أو المفتش ومراقبة سلوكه باستمرار: * لمكافأته، * وتصويب أخطائه، * ومساءلته في حال الخطيئة، إذ هو بشر وليس معصوماً عن الخطأ..
ب ـ توفير الظروف العادلة الحيادية، التي تمكن المتضرر من خطأ أو خطيئة المفتش والمراقب والمتابِع، من استرداد اعتباره، ومخاصمة المتسبب بها..
* على أننا يجب أن نضمن له بالمقابل:
ثالثاً ـ أشكال وظيفة التتبع والمساعدة
هي أشكال متداخلة فيما بينها، تتلخص في الآتي:
أ - الاتصالات والاجتماعات الشخصية مع المرؤوسين..
ب - زيارات الرئيس الميدانية لمواقع العمل والمكاتب..
ت - جمع المعلومات والأرقام وترتيبها أولاً بأول ودون تأخير.. بالاستفادة من الأدوات المتطورة..
ث - الاعتماد على عناصر الرقابة الداخلية، في الجهة.. على أن لا يتجاوزوا الجهات المرتبطة بهم ونطاق صلاحيتهم، لئلا يحدث تداخل يربك الجهات العاملة ويشوش أنشطتها، من كثرة المتابِعين..
ج - وهي وظيفة شخصية لأصحاب المناصب والإداريين، فعليهم ممارستها على الجهات المرتبطة بهم..
ح - وأقدم فيما يأتي أنموذجاً مبسطاً للتتبع والمساعدة الذي يمكن استعماله من قبل الموظف العادي والرؤساء، كما يعتبر أسلوب متابعة يومي أو موضوعي، علاوة على فوائده الأخرى..
رابعاً ـ أنموذج عرض معاملة على الرؤساء
اسم الدولة....
اسم الجهة العليا..
مديرية أو قسم..
الموضوع:
مصدره: الجهة الرقم التاريخ وتاريخ الورود
خلاصة الموضوع:
رأي المُلخِّص
الاسم، التاريخ، والتوقيع
مطالعة رئيس الدائرة، أو المدير، أو المستشار، ورأيه
الاسم، التاريخ، والتوقيع
رأي الأمين العام، المدير العام، واقتراحه، أو توجيهيه
الاسم، التاريخ، والتوقيع
قرار الرئيس الأعلى.. و توجيهيه
الاسم، التاريخ والتوقيع
من مزايا النموذج وفوائده:
1 - متابعة أداء العاملين، في كل موضوع يرد..
2 - متابعة إنجاز العمل، بالتسلسل، في الوقت المناسب..
3 - الوضوح والعمل الجماعي..
4 - تأهيل العاملين، وتشجيعهم على المبادرة والتنافس لأن آراءهم ستعرف من قبل الزملاء والرؤساء والمستويات الأعلى..
5 – تعويد العاملين على بيان الرأي والاقتراح وتحمّل المسؤولية..
6 – اكتشاف الرؤساء لإمكانات المرؤوسين في القاعدة.. مما يساهم في اختيار الشخص المناسب..
ويمكن إضافة أو حذف، حقل أو حقول، حسب الهيكل التنظيمي لكل جهة وتوزيع الصلاحيات فيه..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
حول وظيفة التوجيه
أولاً ـ تمهيد
* وظيفة التوجيه، وظيفة عامة إلى جانب الوظائف الأخرى كالتنظيم والتخطيط والتتبع.. وتتكامل معها..
* التوجيه، صيغة الأمر والنهي بين المستويات المتسلسلة في التجمّع البشري ، بين الرؤساء والمرؤوسين، بين المديرين والمنفذين، لتحقيق الأهداف والواجبات..
* وهو الوظيفة الأكثر تداخلاً مع سائر الوظائف ومختلف النشاطات، إذ ينقلها من حالة السكون إلى حالة الحركة ويمنحها الحياة وصيغة النفاذ، حيث يمارس الرؤساء التوجبه باستمرار لممارسة تلك الوظائف والنشاطات والفعاليات.. فالخطة العامة للدولة مثلاً تصدر بقانون، والملاك العددي " أو الأطر االبشرية " بمرسوم، والبرنامج بقرار.. فلولا القانون والمرسوم أو القرار ما كنا عرفنا الخطة أو الملاك أو البرنامج..
* والتوجيه محور الإدارة، يتجلّى فيه فنّ الرؤساء وإمكاناتهم الذاتية أو المكتسبة.. من خلال تعاملهم مع مرؤوسيهم وزملائهم، ورؤسائهم.. أو من خلال تحليلهم للواقع والظروف المحيطة بالموضوعات التي تواجههم..
* ويعتبر التوجيه الوظيفة المرتبطة بشخص الإداري، لأن الإدارة نشاط حتمي ما دام الإنسان اجتماعياً بطبعه عاش ويعيش في جماعات وتجمّعات.. فلا بدّ لكل جماعة من " موجِّه " يشرف عليها ويصرف أمورها ويديرها..
* فالتوجيه ليس تنفيذاً، إنما هو الإشراف على المرؤوسين المنفذين، وإرشادهم إلى كيفية التنفيذ..
ثانياً ـ من صيغ التوجيه
× الأمر والنهي.. الأمر بفعل أو طلب إيجابي، والنهي عن فعل أو طلب سلبي..
× الإرشاد والتوعية..
× اتخاذ القرارات..
× التدريب والتأهيل..
× التحفيز المعنوي والمادي..
× النصح والردع، والترغيب والترهيب الثواب والعقاب..
وقد يكون من حيث الأسلوب:
× شفهياً.. وجاهياً عند مقابلة المرؤوسين أو زيارتهم.. خلال الاجتماعات.. هاتفياً..
× كتابياً.. يتأرجح بين الحاشية البسيطة على كتاب أو طلب، وبين القانون.. على شكل أوامر وتعليمات وتعاميم وبلاغات وقرارات.. كما قد يأخذ شكل أنظمة وخطط ونشرات فنية " كنشرات الصيانة الدورية "..
ثالثاً ـ منطلقات النجاح في التوجيه
1- الاستفادة من الإمكانات والموارد والطاقات المتاحة، كما هي.. لأن الرئيس الموجّه لن يجد في أي وقت أو مرحلة، جميع الإمكانات التي ينشدها لتحقيق جميع طموحاته.. فعليه أن يبدي مقدرته وفنه، وأن يحقق أحسن النتائج بالإمكانات المتاحة له، مهما بدت قليلة.. فالمثل الشعبي يقول: الغَزّالة بتغزل على عود.. ويعتبر تطبيق هذا المنطلق من أبرز صفات الرئيس الموجِِّه الناجح..
2 – الصفات الشخصية للرئيس الموجِّه.. المواهب، والمكتسبة.. فعليه صقل مواهبه وتطويرها باستمرار، بالتدرب والتعلّم والمطالعة..
3 – تقوية نظام الإحصاء.. فطبيعة الإدارة: علم + فن + معلومة ورقم.. مما يوجب على الموجِِّه مواكبة تطور الأدوات الإدارية، وخاصة أدوات الاتصالات والمعلوماتية، وأن يسعى لاستقدام أحدث نماذجها وبرامجها.. وبذلك تتوفر له معلومات سريعة ومتكاملة ومرتّبة تساعده على التصرفات والإجراءات الفورية السليمة..
4 – أن يكون " نظام الاتصالات والتواصل " مرناً وسريعاً وسليماً، كالجملة العصبية في جسم الإنسان.. وذلك في جميع الاتجاهات.. بين الرئيس الموجِِّه وبين العاملين معه، فيما بينهم، مع الجهات المتعاونة، بالاتصال الشخصي، باالمقابلات، بالزيارات، بالمناقشة والمشورة في الاجتماعات، ودولياً....
5 – تبسيط إجراءات التعامل " البيروقراطية والروتين "، وإبعادها عن الممارسة السلبية والتعقيد والازدواجية.. وتطبيق أسلوب الإدارة بالاستثناء، بحيث لا تمر المعاملات على من لا رأي له أو لا علاقة له..
6 – التعود على المشورة والعمل الجماعي وعدم التفرد، فاليد الواحدة لا تُصفّق، والطير يطير بجناحين..
7 – التعود على تفويض السلطة.. مما يوفر للرئيس الموجِِّه الوقتَ في نشاطات هامة أخرى.. ويساعد على تأهيل المرؤوسين واعتيادهم على تحمّل المسؤولية..
8 – تشجيع المبادرات والمبادهة، وخلق جو من التنافس بين المرؤوسين.. والاعتماد على العاملين الأكفاء..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
وجهة نظر حول المستشارين..
أولاً ـ تمهيد
* من يستشير الآخرين من العاملين معه أو مساعديه أو الآخرين أو الناس، ويطلب رأيهم ووجهات نظرهم ويحاورهم، يكون قد شاركهم أفكارهم وتجاربهم وخيراتهم..
* ولكن لا يتحمل المستشار المسؤولية المادية أو الحقوقية، فهو يجتهد ويقدم رأيه واقتراحاته.. ومتخذ القرار صاحب العمل أو صاحب السلطة في الإقرار هو الذي يتحمل مسؤولية قراراته أو تصرفاته أو توجيهاته.. وقد يتحمل المستشار مسؤولية معنوية تجاهه.. لذا، يفترض في صاحب السلطة أو العمل أو الصلاحية أن يأخذ هذه الناحية بالاعتبار، وأن يمحص ويدرس جيدأ آراء مستشاره أو مستشاريه ووجهات نظرهم ومقترحاتهم قبل اعتمادها وإقراراها..
ثانياً ـ اختيار المستشارين
1 ـ الأصل هو جعل ملاكات " أطر " المديريات والمكاتب والوحدات الفرعية في المنظمة، كافية لاستقطاب عناصر مختصة وكفؤة وخبيرة وتعيينها عليها.. وبذلك نؤمن القيام بالدراسات اللازمة واستقرارها مع الاجتهاد، ومتابعة مآلها، وتحمل هؤلاء العاملين مسؤولية ما يقومون به..
2 ـ ويمكن الاستعانة بالمستشارين أو الخبراء عند الحاجة للتوسع في دراسة مسألة ما، أو موضوع متعدد الاختصاصات:
أ ـ بصورة مؤقتة، لمعالجة هذه المسألة أو الموضوع ضمن ظرف محدد ومرحلي.. حيث يمكن الاستعانة عندها بذوي الاختصاص والخبرة من العاملين في أجهزة الدولة وجهاتها العامة ومرافقها والقطاع العام أو الخاص أو التعاوني أو المشترك.. أو من المنظمات الشعبية المختلفة..
ب ـ أو عند شعورنا بالنقص في ملاك مديرية أو مكتب أو وحدة فرعية، وذلك بانتظار تعديل الملاك..
ت ـ أو بشكل دائم للاستفادة من ذوي الخبرات الطويلة النادرة حسب المواضيع الهامة التي نحتاج إليها.
ثالثاً ـ الصفات التي يجب توفرها في المستشار
للنجاح في اختيار المستشار أو المستشارين، من الضروري توفر الصفات الآتية فيه، وفي آن واحد:
1 ـ المؤهل والمعرفة الدراسية والنظرية في الاختصاص أو المجال المطلوب..
2 ـ التجربة والخبرة والممارسة العملية لمدد طويلة في الاختصاص أو المجال المطلوب..
3 ـ صفات شخصية، تتجسد باتجاهين معاً:
أ ـ الاستقامة المطلقة في السلوك، ب ـ الجدية في العمل وإتقانه..
4 ـ التقدم في السن، أي تزايد التجربة والخبرة والاطلاع لديه مع الزمن..
5 ـ يرجح من يجيد لغة أجنبية أو أكثر..
6 ـ وتقدم له في المقابل ميزات معنوية ومادية تحفزه على تقديم أقصى ما عنده.
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
المسؤولية، والمساءلة، ومقتضاهما..
أولاً ـ تمهيد
* تعوّدنا سماع مصطلح " مسؤول، المسؤولون " في وسائل الإعلام المتنوعة وفي الأدب الاقتصادي والإداري.. وهو يشير إلى شخص يشغل منصباً أو مركزاً أو وظيفة عالية في الهرم الإداري، ويتمتع بصلاحيات واسعة ومزايا كثيرة.. مما يجعلنا نستنتج المعادلة الآتية: الرئاسة = المسؤولية..
* هذا وجه للمسألة، ولكن، هل للمسألة وجه آخر؟، وهل يجوز فهم المصطلح على هذا النحو فقط؟، أليس له دلالات أخرى يجب معرفتها والتعود عليها واحترامها؟..
* أعتقد أن المصطلح لم يستعمل عفوياً، فهو يدلُّ على صفة يجب أن يتحلى بها الرؤساء وكبار الموظفين، وهي تحمُّل المسؤولية عن تحقيق أهداف الوظيفة العالية، مقابل الصلاحيات الممنوحة، وكذلك تحمّل المساءلة عن التقصير إن حدث..
* وقد أكّد الحديث النبوي الشريف [ ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. ] رواه مسلم.. أي أن المسؤولية تُرتِّب مساءلة الرئيس عن رعاية من يرأسهم أو يعيلهم.. وقد عمّمها وجعلها تشمل الجميع: الأمير، والزوج، والزوجة، والعبد، وكلَّ راعٍ مسؤول عمن يرعاهم..
* أسوق مثالاً بسيطاً، ولكنه معبر في دلالته، يمس كلاً منا.. وهو الأب، الذي لا يتحمل مسؤولية مستقبل أفراد أسرته، أو يتخلى عنهم ويجبن في مواجهة الأخطارالتي قد يواجهونها.. فأبسط النتائج، أنه سيفقد احترام أولاده الضمني، وسيفقدون الثقة به ويتخلون عن اللجوء إليه عند الحاجة..
ثانياً ـ أصل المسؤولية " في لغتنا الجميلة
1- إن جذر كلمة " مسؤول " هو الفعل سأل.. ومنه: اسم الفاعل سائل، واسم المفعول به مسؤول.. مما يصح معه القول: إن كلمة " مسؤول " التي تعطي صاحبها موقعاً متميزاً، تضعه في نفس الوقت، موضع الامتحان أو " المساءلة " والمحاسبة على تصرفاته ومردود استخدامه للإمكانات الموضوعة بتصرفه..
2- وعلى " المسؤول " أن لا ينسى هذا المفهوم، وأن يبذل الجهود لحمل " مسؤولية " واجباته.. وإلاّ، سيتعرض " للمساءلة " والمحاسبة في يوم قريب أو بعيد..
3- كما يشير المصطلح إلى صفة يجب أن يتحلى بها، وهي تحمّل المسؤولية " عن أداء واجباته، ليكون عند الثقة الممنوحة له، وقدوة لمرؤوسيه والمتعاملين، المحليين أو الأجانب، ومحترماً من رؤسائه ومرؤوسيه ومن الجماهير.. وتزداد خطورة إهمال هذه الصفة كلما ارتفع مستوى الشخص المعيّن أو المنتخب..
ثالثاً ـ علاقة الثقة بتسمية " المسؤول "
* أتساءل: ماذا يعني صدور صك عن مرجع، حكومي أو خاص، بتسمية شخص لمنصب أو وظيفة عالية؟. أو انتخاب شخص لموقع رفيع في منظمة نقابية أو شعبية، أو تسميته رئيس مجلس إدارة في جهة ما؟. وأجيب..
* إنه يعني أولاً:
1- أن المرجع وضعَ ثقته بمن عيّنه وسمّاه، وأن الناخب منح ثقة لمن انتخبه..
2 - وأعطاه صلاحيات وسلطة.. وكلّفه بواجبات..
3- وأتاح له فرصة الإشراف على منظمات مرتبطة به، ومتابعتها ومساعدتها في أداء واجباتها..
4- وطلب إليه التعاون مع جهات أخرى ذات صلة مع نشاط المجال الذي سيعمل فيه..
5- ومكّنه من عدد من الميزات المعنوية والمادية والإدارية والاجتماعية والوجاهة..
* وإنه يعني ثانياً:
أ - أن المرجع أو الناخب ألقى على عاتقه بهذه الثقة "مسؤولية " تحقيق ما كلّف به، ليكون جديراً بها.. وإلاّ، فسيصبح في موضع المساءلة، المعنوية والمادية والجزائية، وأقلّها العزل إن هو قصّر أو أساء..
* ويعني ثالثاّ: وجود علاقة بين الثقة والمسؤولية.. لذا، أقرع " جرسَ إنذار " عما ينجم عن الثقة التي تمنح لشخص ما، رسمياً أو شعبياً، من مسؤولية جسيمة، فعليه إبقاء هذه العلاقة في ذهنه، لئلا يتعرض للمساءلة..
ثالثاً ـ مقتضيات الارتباط بين الثقة والمسؤولية
1- ليبرهن المسؤول أنه يستحق الثقة، وللنجاح في تحمّل المسؤولية.. يُطلب منه بذل إمكاناته باتجاهين، أذكرهما دون ترقيم لأنهما متكاملان متساويان، ويتلخصان:
× بالجدِّية في كل نشاط يجريه وإتقانه.. وتنظيم وقته للاستفادة منه، دون تأجيل أو تسويف أو هدر..
× والاستقامة المطلقة، بكل معانيها.. الأمانة، النزاهة، التعفف، الصدق، الصراحة، عدم الرياء أو النفاق، العدل، الوفاء، ورعاية المرؤوسين والتعامل معهم كما يحُبّ أن يُعامله رؤساؤه، احترام المتعاملين المحليين والأجانب، احترام المواطنين على أساس أنه لخدمتهم وتيسير مصالحهم، عدم الهدر والتبذير في الأملاك والأموال العامة، الوضوح والحزم في القرار والموقف..
وبتحقيق هذين الاتجاهين، يُثبت المسؤول جدارته.. ويضمن لشخصه الاحترام الضمني من قبل المرؤوسين والزملاء والمتعاملين والجماهير، والأجانب.. ويضمن تقدمه في المستقبل.. كما يساهم في مكافحة الإفساد والفساد.. فهو قدوة، والأنظار شاخصة إليه ترقُب تصرفاته وسلوكه..
رابعاً ـ وللمسألة وجه إداري..
1- أعطت " المسؤولية " من عُيِّن أو انتخب، حق الرئاسة أو الإدارة.. وعنها: المسؤولية = الإدارة.. وتُضفي أهمية على المسؤولية، انطلاقاً من أهمية دور الإدارة، في حُسن استخدام الإمكانات للوصول إلى الأهداف..
2- إذاً، يجب على المسؤول مراعاة هذه العلاقة.. فلا يصح التمتع بالصلاحيات والميزات، وإغفال حُسن الإدارة.. وإلاّ، فإن سوء إدارته سيؤدي إلى ترتّب المساءلة عليه..
3 – وهذه العلاقة تقتضي، أن يتعلم المسؤول الإدارة وفنونها وأدواتها، ومرتكزاتها الأساس، ووظائفها العامة.. وأن يُخْضع لدورات تدريبية إدارية، إن لم يكن قد تعلمها، وأن يتابع تطوراتها باستمرار إن سبق له تعلمها..
4 – الاعتداد بالنفس " عريض الأكتاف "، يتصدى لمواجهة واجباته وتحدّياتها بجرأة، ويبتعد عن أسلوب النعامة، ويبتعد عن الحواشي المائعة: حسب الأصول، موافق أصولاً، لإجراء المقتضى، لاتخاذ ما يلزم، للعمل وفق القوانين والأنظمة.. فهي توجيهات لا تعني شيئاً، وتفيد التخلي عن تحمّل المسؤولية..
5 - سعة الصدر، والتمتع بحسن الاستماع.. فللإنسان أذنتان اثنتان وفم واحد، ليسمع أكثر مما يتكلم..
6 – أن يكون قدوةً في تصرفاته وسلوكه، يتقدم العاملين معه.. وكأنه يقول لهم: اتبعوني..
7 – إيجاد مناخ من الاحترام المتبادل بينه وبين العاملين معه.. وفيما بينهم.. انطلاقاً من احترام الذات..
8 - إفساح المجال لظهور المرؤوسين والمساعدين الأكفياء.. والاعتماد عليهم..
9 – اللجوء إلى أسلوب العمل الجماعي المشترك، بطريقة الشورى .. وكأن المنظمة أو الوحدة فريق عمل واحد.. وتشجيع المبادرات والمنافسة وإظهار المواهب بين أعضاء الفريق..
10 – التدريب والتأهيل المستمر المتكامل للعاملين والمساعدين.. في الداخل أو الخارج..
11 – أن يأخذ على عاتقه النتائج السلبية للمنظمة، إذا لم يكن هناك تقصير أو إهمال من أحد.. وبهذا يتحملّ مسؤولية الأخطاء الممكنة، كما يستطيع أن ينسب لشخصه النتائج الإيجابية..
12 – أن يُخالف مبدأً يطبقه المستعمرون ليضمنوا سيطرتهم واحتلالهم: فَرِّقْ تَسُدْ.. لأن الرئيس أو الإداري أو صاحب العمل هو جزء من المنظمة، اندمجت مصلحته بمصالحها، ويهمُّه نجاحها.. فليطبق قاعدة: اتفقوا أيها المرؤوسون والمساعدون والزملاء.. ولنتذكر مقولة: المرء كثير بإخوانه..
13 - وأن يدرس الدستور والقوانين والأنظمة العامة، التي سيتحرك في إطارها، محلياً وخارجيا..
14 - وأضيف بعض الزوايا التي تتطلبها منه العلاقة بين المسؤولية والإدارة:
أ ـ الاطلاع على اختصاص المنظمة وواجباتها، والقوانين والأنظمة التي تحكمها..
ب ـ استيعاب واقع المنظمة التي يديرها.. من حيث:
* تعرّف واقع مرتكزاتها: العاملون، القوانين والأنظمة، الهيكل التنظيمي، الأدوات الإدارية..
* تعرّف واقع ممارسة الوظائف: التنظيم، والتخطيط، واتخاذ القرار، والإحصاء، والتوجيه، والمتابعة..
* تعرّف مستوى ممارسة المهام التقليدية: القانونية، والأبحاث، والشؤون الشخصية، والعلاقات، والديوانية، والاتصالات، والمعلوماتية، والبريد، والنقل، والطبع والنسخ، والحفظ والأرشفة....
* مدى تنظيم الوقت، والاستفادة منه.. فهو من أهم الموارد الاقتصادية والإدارية بعد الإنسان..
* كيفية استثمار الطاقات المتوفرة: البشرية، المادية، المالية، الآلية، الفنية، الطبيعية، المواد الأولية....
* ولما كانت اجتماعية الإنسان هي سبب تكوين الإدارة، فيحب معرفة قدرات العاملين معه، وتوزيع الأعمال بينهم وتكليفهم بمهام حسب هذه القدرات، بالتعامل مع الإيجابي، والسعي لتحجيم السلبي، حسب مبدأ وضع الشخص المناسب في مكانه المناسب لإمكاناته..
* 0 0 0 0 0 0 0
سادساً ـ صفوة القول
* تنجم المسؤولية عن الثقة أو الانتخاب أو التكليف، فهي عبء خفيف أم ثقيل..
* وهي تتطلب من المسؤول:
1- أن يكون جديراً بالثقة وعند حسن ظن من عيّنه أو انتخبه أو كلّفه، بالجدية وبالاستقامة في سلوكه..
2- أن لا يكتفي بالصلاحيات والميزات التي أصبغها عليه منصبه أو وظيفته العالية، بل أن يبذل قصارى جهده وإمكاناته ليكون جديراً بحمل المسؤولية..
3 – وإلاّ، فالمساءلة قد تنتظره..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
تصحيح مفهوم البيروقراطية والروتين..
أولاً ـ تمهيد
* أتحدث هنا عن ظاهرة إدارية قديمة حديثة، تتصل بالبيروقراطية والروتين وتؤثر على كل أنشطة التجمّعات البشرية.. إذ تسود في الأدب الإداري والاقتصادي ووسائل الإعلام المتنوعة، قناعة مفادها أنهما ً ظاهرتان سلبيتان.. وتُعلَّق عليهما الأخطاء، ويوصفان بأنهما مرض يجب اجتثاثه، لرفع مستوى الأداء وتسهيل أمور المواطنين.. دون البحث عن الأسباب وراء ذلك، وهل هي في وجودهما، أم أين؟.. ودون السعي لتصحيح هذه القناعة السلبية، وبالتالي تصويب أداء التجمّعات البشرية وجعله إيجابياً..
* علماً بأنك إذا سألت كثيراً من الرؤساء والعاملين: هل أنتَ بيروقراطي أو أنتِ بيروقراطية؟، ينفون عن أنفسهم هذه الصفة ويُلقونها على غيرهم!. فهل هذا القول السائد صحيح؟، وهل يجوز أن نتهم بها غيرنا فقط؟. ألا يدلُّ ذلك على تناقض وضعف المنطق؟.
* أرى أن وجود الروتين والبيروقراطية مبرر، والمنطق التنظيمي يفرضه، انطلاقاً من مصدر الكلمتين اللغوي الأجنبي.. والمشكلة تكمن في الممارسة والسلوك..
أ ـ فكلمة بيروقراطية مأخوذةً من مصدر أجنبي " bureaucracy "، وهي تتألف من كلمتين: 1- "بيرو " وتعني: المكتب أو المقر.. 2- و" قراطية "، أي الحكم أو السلطة..
وبالتالي، يكون معنى كلمة بيروقراطية مجتمعة: حكم المكاتب، أو سلطة المكاتب.. أي توزيع الأهداف والأعمال والأنشطة في التجمّع البشري، على مكاتب وأقسام ومقرات ومديريات متعددة، نتيجة لتصميم الهيكل التنظيمي فيه، بحسب تنوع الاختصاصات والأعمال.. حيث نجد وحدات فرعية مختلفة الواجبات: فنية، مالية، إدارية، ديوانية، اقتصادية.. مركزية وإقليمية.. داخلية وخارجية عالمية.. وهذه طبيعة الأمور، وخاصة في المنظمات والمؤسسات والوحدات الكبرى، التي لا يمكن القيام بكل مهامها من " مكتب " واحد.. كالوزارة، والمؤسسة، والمزرعة، والمنظمات ذات الفعالية الدولية..
على هذا، فوجود البيروقراطية منطقي وطبيعي وضروري، فلنتفحَّص التطبيق والممارسة..
ب ـ وكلمة الروتين routine مأخوذة من كلمة route التي تعني: طريقاً، مسلكاً.. ويقصد بها: مسار المعاملات بين المستويات والمكاتب والأقسام والوحدات المختلفة في المنظمة..
فوجود الكلمة أيضاً منطقي وضروري.. إذ لا يُعقل وضعُ كل المعاملات التي ترد إلى المنظمة، دفعة واحدة، أمام رئيسها مباشرة، قبل مرورها أولاً للمعالجة والرأي في الدواوين والمكاتب والأقسام والوحدات المختصة المرؤوسة، التي اقتضاهـا توزيع العمل.. فهل بإمكان شخص واحد أن يلم بكل شيء بمفرده؟..
إذاً، المنطق والتنظيم، يفرض البيروقراطيةَ والروتين، ووجودهما مُبرر..
ت ـ فلا بد من نقد ذاتي وموضوعي للممارسة والسلوك لمعرفة أسباب الشكوى المتكررة منهما، والسعي لتجاوزها.. تلك الأسباب التي يمكن استنتاجها من الآراء والإجراءات التي سأدرجها موجزة، لإعطاء البيروقراطية والروتين وجههما الإيجابي المعافى..
ث ـ على أني أشير قبل ذلك، إلى أن الموضوع ذاتي، ينطلق من أشخاصنا، وتترتب نتائجه " الإيجابية أو السلبية" على تصرفات كل منا.. أو بتعبير آخر إن الموضوع كله يتوقف على وضع الإنسان العامل، ومدى العناية به.. أ - ليكون مطمئناً في معيشته مع أسرته؛ أي أن يكون العامل " شبعاناً، وفهماناً ".. فالحاجة المادية قد تدفعه إلى اللامبالاة والإهمال، أو للوقوع في مطب الفساد.. ب - وبتدريبه ليكون مؤهلاً لأداء واجباته..
ثانياً ـ المقترحات
1- جهاد النفس، وفهم العامل لدوره وواجباته والقيام بها، وتحمّل المسؤولية عنها..
2- فهم الإدارة ودورها، وأثر كفاءتها على عملية التطوير والتنمية.. ورفع مستواها، في جميع المستويات والقطاعات.. بالاستعداد والتأهيل المسبق لممارستها.. وإلاّ، فالجاهل عدو ما يجهل..
3- وضع الشخص المناسب في مكانه المناسب بموضوعية، وتفادي النظرات الشخصية..
4- العناية بالتنظيم الهيكلي وإنشاء الوحدات الفرعية وتوزيع العمل بينها " البيروقراطية "، والملاكات العددية من الأشخاص، وعدم الإضافة فيها إلا عند الضرورة.. بحيث لا يشمل وحدات إضافية، أو عمالة زائدة وبطالة مقنعة.. فإن إضافة شخص واحد فقط على مجموعة عمل أو وحدة ستضيف اتصالات و" تعقيدات " مباشرة وغير مباشرة كثيرة.. كما أن الأشخاص المضافين سوف يلهون العاملين الأصليين.. وقد تضطر إدارة المنظمة إلى تعقيد المعاملات وإطالتها بحجة إيجاد عمل للفائضين!؟.
5- استعمال الأدوات الإدارية المتطورة، والتوسع في شبكاتها المتكاملة: المركزية والقطاعية والمحلية.. التي تربط جميع المستويات والجهات على أوسع نطاق.. وتساعد على سرعة جمع المعلومات وترتيبها واسترجاعها.. وعلى فورية الاتصالات الداخلية والخارجية.. وإن إبقاء هذه الأدوات على وضعها المتخلف، من شأنه أن يجر عجلة الإدارة إلى الوراء، ويبقي البيروقراطية والروتين ظاهرة مرضية!.
6- وضوح القوانين والأنظمة، لئلا تكون ذريعة للتسويف والمماطلة.. وجعلها مرنةً ملائمة للظروف المعاصرة، فالمقيد بالسلاسل لن يستطيع تيسير شؤون غيره، ولا يستطيع أصلاً ممارسة مهامه بكفاءة..
7- إيضاح الاختصاصات والعلاقات ومسار المعاملات بين الوحدات الفرعية الإدارية والأفراد.. والتأكد من بساطتها، وفهمها الجيد..
والسهر على تطبيقها حسب مبدأ " الإدارة بالاستثناء "، بحيث تكون تعليمات العمل واضحة وبسيطة فتعالج المعاملات مباشرة من قبل العاملين، فلا يرجعون لاستشارة الرؤساء إلاّ في حالات استثنائية وقليلة..
8- تحديد طريق المعاملات " الروتين "، بما يحقق تطبيق مبدأ: عدم مرور المعاملة على من لا رأي له فيها أو إلى جهة لا علاقة لها بها، فالخط المستقيم أقصر طريق بين نقطتين..
9- تدريب العاملين على تعليمات العمل ومسار الإجراءات، وشرحها للمتعاملين والمواطنين.. ورسمها في مخططات وجداول بسيطة واضحة، وتعليقها في المداخل ولدى الاستعلامات وفي أماكن بارزة من مقر التجمّع.. وطبع المخططات في كراسات ومنشورات، ونشرها في وسائل الإعلام..
10- تنمية روح العمل الجماعي، مما يساعد على سرعة دراسة المعاملات ومعالجتها بين الأفراد والدوائر متعددة الاختصاص وإنجازها في موعدها، والابتعاد عن الإطالة والتسويف والتأجيل، ويُمكّن الزميل من القيام بواجب زميله لدى غيابه..
11- التوسع في تفويض السلطة والصلاحيات، واختصار درجات التسلسل.. بما يساعد على تسريع وتيرة الأداء، ويرفع مستوى العاملين وعلى تكوين احتياطي كفء منهم، وتعويدهم على تحمّل المسؤولية.. وكذلك توفير وقت الرؤساء، ليصرفوه في أمور عامة رئيسة.. علاوة على تقوية روح العمل الجماعي، وضمان استمرار النشاط، بحضور الرئيس أو غيابه.. وبهذا نبتعد عن المركزية..
12- الاتجاه عموماً نحو اللامركزية، كلما ازداد عدد الأشخاص والوحدات المرتبطة برئيس ما.. وهو اتجاه مطلوب، سواء على صعيد المجتمع مركزياً، أو قطاعياً أو جغرافيا.. فالعدد الكبير لا تستوي معه المركزية من جهة.. والتطور السريع في أدوات الاتصال والمعلوماتية وتقنياتها وبرمجياتها لا يتلاءم مع المركزية من جهة..
13- الحرص على احترام وقت العاملين وتنظيمه.. وإنفاقه في الجد وبحساب.. والتعود على العمل تحت ضغط الوقت، وكأننا مستعجلون دائماً، ونسابق الزمن.. وإفهام العاملين وإقناعهم بأهمية سرعة إنجاز المعاملة وتبسيطها، وبأهمية احترام " الوقت الاجتماعي " الفردي والجماعي للمتعاملين والمواطنين، وعدم تبذيره وهدره.. فالوقت أغلى ما يملكه الإنسان، العاملون والمتعاملون والمنظمات وجماهير المواطنين والمجتمع، من موارد.. وكذلك الابتعاد عن التسويف والتأجيل وعبارة " تعال بكرة ".. هذه الجملة التي أول ما يتعلمها المتعاملون الأجانب، ويتندرون بها..
14- تعويد العاملين على الشعور بالواجب وضرورة تنفيذه بشكل جيد، وعدم التخوف من ممارسته.. وأن العمل في كل مستوياته مسؤولية وواجبات نضطلع بها، وليس وجاهة أو امتيازا..
15- وبالمقابل، يجب على المتابِعين أن يميزوا بين:
أ ـ الخطأ غير المقصود المرافق لأي عمل، فمن لا يعمل لا يخطئ، ومن طبيعة النشاط البشري أن يرافقه الخطأ.. وإلاّ سيعزف الكثيرون عن الممارسة ويتخلون عن تحمّل المسؤولية ويؤثرون الفرجة واللامبالاة، ويتقنون الإحالات و" قذف الكرة " للإطالة وحسب..
ب ـ وبين الخطيئة التي تنجم عن قصد أو سوء نية أو إهمال كبير، التي يصح أن يكون حسابها عسيرا..
16- التخلي عن الشعور بالفوقية على المتعاملين وجماهير المواطنين، هذا الشعور الموروث منذ العهد العثماني والانتداب الفرنسي.. وإحلال سلوك: نحن في خدمة المراجع والمتعامل والمجتمع.. وتنفيذ المقولة السائدة في السوق: الزبون دائماً على حق..
17- . . . . . . .
ثالثاً ـ صفوة القول
أعتقد أن ما أوردته، وبخاصة ما يتعلق بالاهتمام بأوضاع العاملين المعيشية والتدريبية.. كفيل في حال تطبيقه، بتصحيح الصورة السلبية الشائعة عن البيروقراطية والروتين، وتيسير أمور المتعاملين والمواطنين والأجانب.. ويساهم إلى حد كبير في ترشيد الأداء، وتسريع وتيرة التطوير والتنمية..
ولا بأس في إيراد ما تقوله المطربة أُم كلثوم في إحدى أُغنياتها: ياللي ظلمتو الحب، وقلْتو وعدْتو عليه مش عارفة إيه.. العيبْ فيكم، يا فْحَبايكم، أمّا الحب يا عيني عليه..
فمن ينتقد وجود " البيروقراطية والروتين "، عليه أن يبدأ بنفسه وممارساته، ليبعد عنهما الصفة المرضية الشائعة عنهما..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
" الأنا "، ضد الجماعية في الإدارة
أولاً ـ تمهيد
* تتطلب الإدارة وكل نشاط بشري، أن يساهم كل عضوٍ في التجمّع بفكره وبجهده وإمكاناته لإنجاحه.. بدءاّ من الأسرة وهي ما أسميها الخلية أو الوحدة الإدارية الأولى، التي يعيش فيها المرء، صعوداً إلى جميع أشكال التجمعات البشرية وأنواعها ومسمياتها.. فاليد الواحدة لا تُصفّق..
* كما يتطلب العمل المشترك الذي يساهم فيه ممثلو مستويات وقطاعات متعددة، تعبئة أفكارهم وإمكاناتهم وجهودهم، مهما كان نشاطهم: سياسياً أم حكومياً أم عاماً أم خاصاً أم مشتركاً أم نقابياً أم تعاونياً أم فردياً.. لكي تصب مساعيهم جميعاً في بوتقة واحدة..
* ويجب بالتالي استبعاد العمل الفردي في التجمّعات البشرية فهو يعرقل مسيرتها، ويمتدّ خطره إلى: الإداري نفسه، والعاملين، والتجمع أثناء وجوده، وبعد إبعاده..
ثانياً ـ الآثار السلبية للأسلوب الفردي
* يقول مثل شعبي: الغرور قتّال..
* ويقول مثل شعبي تركي: يموت الإنسان ثلاث مرات: مرةً حين يقول: صرْتُ.. ومرة حين يقول: متُّ.. ومرة حين يموت فعلا.. فأحد أشكال القضاء على الإنسان أو موته هو الغرور، لاعتقاده أنه الوحيد الذي يملك الفهم والإدراك دون بقية الناس ويستغني عنهم، لأنه " صار "..
* وتترتب نتائج سلبية خطيرة على الأداء الأناني المتفرد بالرأي والمتسلط والمبتعد عن الشورى، وعدم التقيد بالعمل الجماعي الذي تفرضه أصلاً الطبيعة الاجتماعية للإدارة.. بل إن بقاء الجنس البشري مرهون باجتماع الرجل والمرأة بالزواج لتكوين الأسرة ومشاركتهما في أول تجمع بشري.. وتنصب الآثار السلبية على:
1- الإداري ذاته.. لأنه لن يسمع غيره ولن يرى ما حوله، فيصبح أطرشاً وأعمى وينتهي إلى الغرور.. مما يقوده إلى الانعزال عن الناس بمن فيهم مساعديه ومرؤوسيه، وإلى التفرد بالرأي واتخاذ القرارات، برغم أن الاختصاصات والواجبات كثيرة التنوع في التجمّع الذي يرأسه، والطير لا يطير دون أجنحة.. والشخص الواحد، مهما أوتي من إمكانات، لا يمكن أن يمارس بمفرده كل الاختصاصات والواجبات ويضطلع بها.. فيكون قد حكم على شخصه بالإخفاق أو " الموت "..
2- على العاملين معه
أ ـ فالقديرون منهم، من المساعدين والمرؤوسين، وأصحاب الرأي والتجارب والخبرة يبتعدون عنه تدريجياً، مما يفقده الاستفادة من أفكارهم وإمكاناتهم، برغم ضرورتها.. ويخسر احترامهم الضمني له، وليس الاحترام الشكلي المستمد من مركزه كرئيس..
ب ـ وبالمقابل، يتقرب منه الانتهازيون، و" صائدو " المنافع والمنافقون، و" مساحو الجوخ "، والمطواعون والمراؤون وذوو الشخصيات المهلهلة.. ويتهافتون عليه ويبدون الإعجاب دوماً بتصرفاته ويمتدحون أفكاره ويصفقون له ويزينون له أعماله، دون أي نفع أو فائدة موضوعية من كل ما يقومون به..
ت ـ مع الزمن، مع ابتعاد أولئك عنه، وتقرب هؤلاء منه.. تزداد عزلته ووحدته، ويتفاقم غروره وتفرّده.. وتنطبق عليه مقولة اقتبستها من مسلسل تلفزيوني مفادها: إذا أردت عزل إنسانٍ، فهنالك أسلوبان: إما أن تسجنه في زنزانة انفرادية، أو أن تحيطه أو أن يحيط نفسه بمن يقولون له دائماً: صح سيدي، نعم سيدي.... فتتسارع خطواته نحو الإخفاق أو " الموت "..
ملاحظة: كان المسلسل يروي قصة هجوم الطيران الياباني فجأة على ميناء " بيرل هاربور " في الحرب العالمية الثانية، حيث كبّد الأمريكيين خسائر فادحة.. وقد وجّه شبيه هذه الجملة أحد الضباط لقائد الحامية، لأنه لم يشأ أن يسمعه عدة مرات..
ث ـ إن أقتم صور " الأنا " والعمل الفردي، هي أن ينسب الرئيس إلى شخصه النجاحات التي قد تحققها المنظمة، وأن يتحدث عن أفضاله وإنجازاته باستمرار..
3- على المنظمة التي يرأسها.. خلال وجوده، وإلى مدة طويلة بعد تركها..
أ ـ وهي مدمرة وخطيرة.. باعتباره في موقع رئيس المنظمة أو التجمُّع، وحين تتعلق تصرفاته بموضوعات عامة، كالخطط والمشروعات المستقبلية والقرارات التي تحتاج إلى جهود بشرية متنوعة ودراسة شاملة فيها اختصاصات متعددة: فنية وتنظيمية وتجارية وقانونية ومالية.. إذ أن نهج " الأنا " يؤدي بالضرورة أيضاً إلى مركزية مفرطة، ونظرة قاصرة وضيقة للأمور، ومثل هذه المركزية الضيقة تؤدي إلى الإخفاق.. وبمقدار ما تكون الموضوعات هامة وكبيرة تكون النتائج السلبية لهذا التفرد مدمرة.. خاصة وأن البشر خطاؤون في طبيعتهم.. وسيكون احتمال الخطأ البشري في القرارات في الموضوعات والمشروعات المصيرية، أكبر منه في النهج الفردي "الأناني "، عنه في أسلوب العمل الجماعي والشورى..
ب ـ بل إن الآثار السلبية على المنظمة أو التجمّع سوف تمتد إلى مدة أطول، إلى ما بعد المرحلة التي يترك فيها " الانفرادي " منصبه أو مركزه ولبضع سنوات..
إذ تكون الأوضاع مهلهلة، والمتسلطون على الزمام ضعفاء غير مؤهلين.. مما يجعل الفوضى والضعف يستمر لمرحلة، قد تكون طويلة.. وتحتاج إلى زمن طويل لتصحيح الأوضاع وإعادتها إلى نصابها واتباع أسلوب العمل الجماعي والشورى، بعد إبعاد المتسلطين الذين سيحاولون مقاومة الإصلاح ما استطاعوا..
ثالثاً ـ صفوة القول
* لما كان دور القادة والرؤساء كبيراً في تحقيق الأهداف والواجبات الملقاة على عاتق التجمّعات والمنظمات، والفرس من فارسها كما يقول المثل الشعبي، فإن آثار الأسلوب في ممارساتهم ستكون كبيرة بدورها.. فالمطلوب منهم العمل سوية مع مساعديهم ومرؤوسيهم كفريق عمل واحد..
* وعليهم الاقتناع بأن الإدارة والنشاط عموماً في كل المجالات فعالية جماعية، والابتعاد عن " الأنا ".. فالإنسان كثير بإخوانه.
* وأُشير في الختام، إلى أنه إذا كانت الثقة بالذات والاعتداد بالنفس من الصفات المرغوب توفرها في القادة والرؤساء، فإن " الأنا " والسلوك التفردي، من الصفات السلبية التي يجب الابتعاد عنها.. لأنها سوف تجر إلى نتائج وخيمة عليهم وعلى العاملين وعلى منظماتهم، وتؤدي إلى الإخفاق..
* فليعملوا ويتحدثوا بلغة " نحن "، وليس " الأنا "، وإلاّ، فالآثار والنتائج سلبية..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس مركز وطني للمعلومات
1 – تمهيد
* يعتبر هذا الموضوع هام جداً، لأنه يثير مسألة تقنية تقدمية، شهدت وتشهد ثورة متصاعدة فلكياً، وتؤثر بشكل جذري على كل نشاط وفعالية في الحياة البشرية، بما فيها الأداء الإداري.. فالأدوات الإدارية، التي تعتبر المعلومة أحد مخرجاتها، هي مرتكز أساس تعتمد عليه الإدارة في كل ممارساتها ووظائفها وأنشطتها..
* كما أن المعلومة الصحيحة والآنية، ضرورة لكل تصرف لكي يكون سليماً ونتائجه مقبولة، والحاجة إلى المعلومة بالنسبة للنشاط البشري، تشابه حاجة جسم الإنسان للماء والهواء كي يستمر في حياته الطبيعية.. ذلك أن طبيعة الإدارة هي: علم + فن + رقم ومعلومة.. فلا بدّ من الرقم والمعلومة السريعة والمرتبة ليكون التصرف سليماً وصحيحا..
2 – النقاط الواجب مراعاتها عند التأسيس
1 – شكل التأسيس، والمرجع الذي سيعتمد المشروع ويقره ويصدر وثيقة إحداث المركز..
2 - الشخصية الاعتبارية للمركز، ومركزه القانوني، ومدى استقلاله المالي والإداري..
3 – جهة ارتباط المركز، وموقعه في الهيكل التنظيمي للمجتمع..
4 - المقر الرئيسي للمركز، وهل ستحدث له فروع بدايةً أو مستقبلاً أم لا.. في حال الإيجاب، تحديدها في الوزارات والمحافظات، وفي الخارج..
5 – التمويل، من حيث رأسمال البداية، ومصادر التمويل، ومآل الواردات الزائدة عن النفقات إن وجدت..
6 – الاستفادة من الجهات التي تمارس الإحصاء أوجمع المعلومات، ففي سورية يوجد المكتب المركزي للإحصاء والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية ومكتبة الأسد الوطنية ومركز المعلومات القومي والجريدة الرسمية.. من حيث المعلومات والبيانات والدراسات والوثائق والنشرات والدوريات والكتب والخبرة المتوفرة لديها، وكيفية التعاون معها في تأسيس المركز، بما يحقق تكامل الشبكة المعلوماتية وإنشاء مركز " مصرف " معلومات وطني عام، تتواصل معه وترفده بقية الشبكات المختصة المتنوعة.. ويجعل المركز لا يبدأ من الصفر، ويوفر الوقت ويختصر الجهود التي سيبذلها لتسجيل ما هو موجود ومعالجته.. كما يجعلنا متكاملين لا ننشط كجزر منعزلة..
7 – تحديد شكل إدارة المركز، وكيفية سيتم اختيار الممثلين في مجلس الإدارة، ومن أية جهات سيُختارون..
8 – كيفية تعيين العاملين الأساسيين في المركز، كالمدير العام.. وغيرهم من العاملين في الأجهزة المساعدة والوحدات الفرعية والخدمات المختلفة.. وما هي حقوقهم المالية والمادية والمعنوية، إذ يجب أن يكونوا متفرغين..
9 – استكمال ملحق الهيكل التنظيمي للمركز، بهيكل أو ملاك للأجهزة المساعدة لبقية العاملين في المركز للمهام العامة: الديوانية والبريد والاتصالات والمعلوماتية والأرشفة والنقل والخدمات المختلفة..
10 – يفترض وجود اختصاصات ومستويات مختلفة لدى دراسة تكوين المركز أو المصرف، وعدم الاقتصار على الإداريين والحقوقيين.. إذ يجب أن يشترك في هذه الدراسة فنيون مختصون بالمعلوماتية وبرامجها وتقاناتها وأساليبها، وبذلك تتكامل الدراسة..
11 – تحديد المستفيدين من موجودات المركز أو المصرف ومعلوماته.. وأرى أن يكونوا على أوسع نطاق، أفراداً وجهات وقطاعات عامة أو خاصة أو غيرها.. ما لم تكن المعلومات ذات صفة سرية، فنطاق الاستفادة منها محدود..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
هل التاريخ يعيد نفسه؟.
أولاً ـ تمهيد
* أبدأ بالسؤال: هل التاريخ يعيد نفسه؟. وهو قول شائع يتردد كثيراً، برغم أن موضوعه واسعٌ وكبير.. لكني أثير حوله حواراً يشارك فيه من يرغب بعرض وجهة نظره، لاعتقادي بأنه لا يمكن الإحاطة به من قبل شخص واحد، أو حتى مجموعة صغيرة، ولكنها محاولة فيها إثارة وتحريض، نظراً لتشعبه والعناصر والعوامل التي تلعب دورها في مدلوله كثيرة..
* فلا شيء ثابت سوى عقيدة التوحيد لله.. والدين واحد، هو الإسلام، الذي جاء به الأنبياء والرسل جميعهم على مرِّ العصور، منذ أبينا آدم..
ثانياً ـ العوامل المؤثرة في الموضوع
* الإنسان، وما يتصل به... الحضارة.. والمبادئ.. الثقافة.. النظريات والأفكار.. الفلسفة.. الأخلاق.. العادات الاجتماعية.. السلوك العام والفردي.. تطور اللباس، والموضات.. الأجيال المتعاقبة..
* الزمن.. فعلى الدول والمجتمعات النامية أو المتخلفة أن تحرص على تنظيم الوقت واستغلاله، دون هدر.. وأن تسابق الزمن للحاق بركب المعاصرة.. فالمتقدمون، لن يتوقفوا، وهم يسيرون بسرعة كبيرة.. مما يتطلب أن تكون السرعة أكبر، حتى تقلل الفجوة التي تفصلها عنهم.. وإلاّ!… والوقت أغلى مورد يملكه البشر، ويجب أن يستفاد منه إلى أقصى حد، لأنه محدود " فالساعة 25 مستحيلة ".. وخسارته لا تُعوض!. ولا يخرَّن..كما أن ملكيته مؤقتة لا تدوم، لأنه ينقضي سريعاً دون انتظار أو استئذان.. وهو كالسيف إن لم تقطعه قطعك!.
* العتاد والأدوات والوسائل.. فأدوات الاتصالات والمعلومات المتطورة فلكياً في المرحلة الأخيرة من التاريخ البشري، بدَّلت مفاهيم الحياة البشرية وسلوك الناس، وأصبحت سائدة في البر والجو والبحر، وتستعمل في كل مكان وزمان، نهاراً وليلاً.. وجعلت النشاط البشري على تنوعه واختلافه دائماً ومستمراً.. وخرقت الحدود والحواجز بين الدول والمجتمعات والشعوب، وقلبت الكرة الأرضية إلى قرية كونية كبيرة.. بل هي استباحت جدران المساكن والبيوت وفرضت نفسها ضيفاً على ساكنيها وغرفها..
* المستوى التقني..
* الإعلام المتعدد..
* الدعايات..
* البيئة والمحيط.. والظروف المحيطة..
* الجغرافية الطبيعية.. الثروات على سطح الأرض وفي باطنها.. في البحار والأنهار والبحيرات..
* المناخ العام والمحلي والخاص، والقومي والإقليمي والأجنبي والعالمي.. الصديق أو العدائي..
* المصلحة أو المصالح المختلفة، التي يسعى إليها كل طرف.. فالعلاقة بين الأفراد والمنظمات والمجتمعات والدول والتحالفات تحكمها المصلحة.. ولا توجد علاقة دون مقابل، إلاّ عند الأمّ والأب.. وكثيراً ما تتبدل المصالح، الخاصة والعامة والقومية والإقليمية والدولية والتحالفية، من وقت لآخر، فهي غير مستقرة..
* . . . . . . . .
ثالثاً ـ متفرقات
* لا بدَّ من تحليل شامل ونظرة محيطة إلى كل هذه العوامل وغيرها.. لكي نصل إلى نتائج مفيدة نافعة في بيئتنا وظروفنا، التي هي بدورها متبدِّلة وغير مستقرة..
* كثير من الدول والامبراطوريات والتحالفات نشأت في حقب وعصور مختلفة من التاريخ البشري، وكبرت وازدهرت وسيطرت، وتركت بصماتها وآثارها في التاريخ، ثم ضعفت واندثرت وزالت ولم يبق منها إلاّ ما تركه مفكروها وقادتها، وإلاّ آثارها كأطلال وذكريات.. ومثال ذلك كثير، أذكر منه: بناء الأهرامات، وسد الصين، وشريعة حمورابي، وتأسيس الدولة العربية الإسلامية وفتوحاتها، حكومة جنوب أفريقيا العنصرية، الاتحاد السوفييتي.. .... ثم نشأ غيرها كثير واندثر.. وهكذا..
* الدراسة لوقائع التاريخ ومجرياته ضرورية ومطلوبة، ولكن لاستخلاص العظة والعبرة أو العظات والعبر، وللاقتباس والتطوير.. وليس للنقل أو التقليد أو الاستنساخ..
* إن الإطلاع على ما لدى الآخرين، خارج الدولة أو المجتمع وتجاربهم ضروري، لأن الانغلاق لم يكن وارداً خلال تاريخ البشرية، وهو غير وارد في هذه المرحلة، لأننا نعيش في قرية كونية كبيرة، لا حدود إخبارية أو معرفية بينها.. فلا يجوز البدء من الصفر، وتكرار ما قطعه الآخرون من مسافات.. ولكني أنصح بالحذر من الانبهار وتقليد التجارب الأجنبية الناجحة دون دراسة..
* بل من الضروري الاطلاع على التجارب المخفقة، لنتعظ بما جرى خلالها من أخطاء ونتلافاها..
* ولنطلع على ما يجري في الدول العربية والنامية التي سعت للتطوير، ولندرس ما تم لديها.. فظروفها أقرب إلينا من تلك الأجنبية المتقدمة، ولكن للقياس، ودون تقليد في كل حال..
* وظروف العولمة التي طفت مظاهرها على السطح في المرحلة الحالية من التاريخ، ، وبروز المنظمات الدولية المختلفة مع أهدافها واشتراطاتها مثل منظمة التجارة العالمية wto والمنظمة الدولية للتقييس iso .. تقتضي دراستها بحذر لاستيعابها ولمواجهة تحدياتها واشتراطاتها، بما يكفل ترتيب البيت الداخلي، والاستعداد الخارجي للمحافظة على حقوقنا ومصالحنا بشكل عادل في علاقاتنا الخارجية مع أي طرف أو منظمة..
رابعاً ـ الخلاصة
* أعود إلى السؤال: هل يعيد التاريخ نفسه؟. ولا أعتقد بإمكان الإجابة عليه: بلا أو بنعم... لأن العوامل الكثيرة المؤثرة، التي عددتها باختصار شديد،متنوعة ومتحركة باستمرار.. كما أن الأمور نسبية في الحياة عموماً ومتطورة دائماً ولا تستقر على حال، وتتبدل بموجب مؤثرات كثيرة..
* لذا أصل إلى استنتاج أو رأي، أميل إلى أنه صحيح، وهو أن التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه تماماً، مهما بدا بين الوقائع والأحداث والمتغيرات والمستجدات من تشابه أو تقارب.. ولكنه ليس تطابقاً أو تماثلاً في كل حال.. فالعوامل متنوعة ومتعددة وكثيرة جداً ودائبة الحركة التي لا تتوقف عند حد..
* وأكتفي بمثال بسيط جداً، فهل تلبس الأجيال الحالية في كل بقاع الكرة الأرضية وبلدانها اللباسَ الذي كان يرتديه أجدادهم ومن قبلهم؟. أعتقد أن القارئ يعرف الإجابة..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
اللجان لا تحقق الإصلاح الشامل..
أولاً ـ تمهيد
* الإصلاح ضرورة، وخاصةً في الإدارة.. لأن عدم كفاءتها يعتبر من أهم معوقات التطوير والتنمية، ولأن التنمية الإدارية هي المدخل أو الأساس الذي تُبنى عليه وترتفع بقية الإصلاحات في أي مجال آخر..
* ولكن خطوات الإصلاح توكل غالباً إلى لجان متعددة الأهداف والواجبات الجزئية، فتفتقد إلى النظرة الشاملة التي تجعل إجراءاتها حزمة متكاملة تنطلق من استراتيجية وأهداف عامة له أو للتنمية الإدارية أو وغيرها..
ثانياً ـ الرأي في اللجان
1- الأصل في اللجان المحدودية في المهام وفي التوقيت.. يناط بها موضوع أو عدة مواضيع محددة في مرحلة ما أو خلال فترة معينة..ثمّ تنقضي..
2 - انقلبت اللجان بالممارسة إلى ظاهرة روتينية مرضية، وليست صحية..
3 – تتوقف أعمال اللجان الكثيرة وآراؤها وتوصياتها ومقترحاتها على رئاستها وتشكيلتها، وتنطلق من معرفة رئيسها وأعضائها ومواقعهم وخبرتهم السابقة واتجاهاتهم.. وبالتالي فإن الآراء والمقترحات مختلفة بين لجنة وأخرى..
4 - قد تصل اللجان الجدّية إلى دراسات وتوصيات ومقترحات جيدة، ولكنها تنقضي، ولا يوجد من يكمل ما أنجزته، فيبقى تحقيق ما أنجزته معلقاً:
* على اعتماده من سلطة صاحبة قرار..
* وعلى إكسائه صيغة التنفيذ لإيصاله كواجبات إلى الجهات المنفذة..
* ومن ثمّ على مساعدة هذه الجهات في التنفيذ،
* ومتابعتها..
5 - فلماذا تؤلف لجان، وتحل محلّها لجان، وهذه تؤلف لجاناً فرعية؟. ولماذا لا نوجد " مرجعاً " دائماً؟. مسؤولاً أمام الحكومة والسلطات المختصة عن دراسات الإصلاح المستمر أو التنمية الإدارية الدائمة، لمتابعة ما تقترحه اللجان، ومن ثمّ متابعة إجراءات تحقيقها وإظهارها إلى العَلن؟..
ثالثاً ـ من الطبيعي اختلاف وجهات النظر
* الاختلاف في الآراء ووجهات النظر أمر طبيعي وإيجابي.. إذ ينطلق كل دارس وباحث من زوايا بحسب معرفته وعلمه ومعتقداته وممارسته وتجاربه وموقعه، وهي زوايا مختلفة متنوعة، ولا يمكن أن تكون واحدة..
* باستعراض هذا الاختلاف تُعطى صورة متكاملة عن الموضوع المطروح، تساعد على تعرف إيجابياته لتعزيزها وسلبياته لتداركها.. وتحديد الأهداف والواجبات والإجراءات التالية..
* فالحوار الواسع مطلوب لتشكيل الصورة المتكاملة، لكي تتم فيه مقابلة الآراء والملاحظات والمقترحات مهما بدت مختلفة، معتدلة أو متطرفة، واقعية أو نظرية.. ومقارنتها و" غربلتها " وتنسيقها، لتصبح قريبة من الواقع والخصوصيات ومفيدة للتطوير والتنمية..
* لذا، يُفضل في الموضوعات الواسعة والعامة والمصيرية، أن يتم الحوار الموسع في إطار ندوة مصغَّرة أو عامة.. تنظمها وتعقدها جهة عالية مسؤولة.. ويشترك فيها كل المستويات والقطاعات والمنظمات الرسمية وشبه الرسمية والشعبية والمفكرون من مدارس متنوعة....
* علماً بأن الحوار يتطلب بدوره الاستمرارية والديمومة.. مما يفرض وجود أو إيجاد مرجع دائم مختص بالتنمية الإدارية، يتخذ إجراءات متكاملة ومتناسقة لكل الزوايا..
رابعاً ـ إضافات مقترحة
1- النظر في التنظيم الهيكلي والواجبات في قمة الهرم الإداري للدولة، كمجلس الوزراء، ومجالسه ولجانه الدائمة..
2- النظر في عدد " الوزارات " والجهات والهيئات العليا، من حيث تعديل المهام، أو الدمج، أو الإحداث..
3 – والنظر في أوضاع المؤسسات والشركات والمنشآت العامة.. من حيث تعديل المهام أو الدمج، أو الإلغاء، أو الإحداث، على أن يكون الدمج موضوعياً ويحقق فائدة عامة، إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية..
4 - تحديد دور الجهات والوزارات المركزية، المساعدة للسلطة في قمة الهرم الإداري، واختصاصاتها وعلاقاتها بوضوح.. لأن وجودها ذو تأثير مزدوج " إيجابي أو سلبي "، فهي تساعد الإدارة العليا في أعمالها من زاوية، وتتداخل مع كل الجهات من زاوية..
5 - شمول كل وحدات القطاع العام، الإنتاجي والخدمي، بالدراسات والإصلاح والتنمية.. لأنه ينشط في مجالات لها ثقل نوعي كبير في المجتمع والاقتصاد.. ولا يصح بقاء بعض وحداته خارج الدراسات...
7- تقييم نظام الإدارة المحلية في سوريا.. وما رافق تطبيقه في أكثر من 3 عقود من إيجابيات وسلبيات..
9- وضع أسس التنظيم الهيكلي للوزارات والمنظمات والشركات وملاكاتها، لئلا تتضمن زيادة أو بطالة مقنعة، مع آثارها الإدارية والمالية السلبية ورفع تكلفة المنتجات والخدمات.. فلا يصحّ تسمية مركز إنتاجي شركةً..
10-وكذلك فإن رفع مستوى المعيشة المادي للعاملين من شأنه مقاومة الإفساد والفساد، ووقف التسرب بين القطاعات، وهجرة الكفاءات البشرية إلى الخارج..
11 - تحديد الدورات التدريبية الأساسية ومواعيدها، وإخضاع كبار العاملين لها..
12 - سرعة تنظيم " سجل أو كشف مهني عام " للعاملين.. وتوصيف الوظائف، وتحديد شروط إشغالها.. بما يساعد على وضع الشخص المناسب في مكانه..
13 – وأولاً وأخيراً، سرعة تحديث الأدوات الإدارية وبرمجياتها، وتدريب الجميع عليها.. ومواكبة تطوراتها..
14 - . . . . . . .
سادساً ـ صفوة الفول
* قد يقال، إن ما تقدم يتضمن قضايا كثيرة، تحتاج إلى جهود مستمرة وزمن طويل، ولا بدّ فيها من دراسة محيطة، لتكون الإجراءات حزمةً متكاملة، يمهد بعضها للبعض، دون هدر الوقت والجهود.. وهذا قول صحيح، أقرّه.. فكلها مطلوبة وشرطية لتحقيق الإصلاح أو التنمية الإدارية..
* وأضيف بعض ما تتطلبه هذه القضايا للنجاح في مواجهتها:
1- فهي تحتاج جهوداً جماعية منسقة، لضمان نظرة إصلاحية كلية شاملة.. ولتُوزع الأهداف والواجبات والإجراءات على الجهات المنفذة بشكل متكامل وعلى مراحل متتالية على المديين: القريب والبعيد..
2- أن تتم الجهود الجماعية بمشاركة: الممارسين المعانين والمنظرين الأكاديميين، وممثلي الحكومة والمنظمات السياسية والشعبية والنقابية والحرفية ومندوبي وسائل الإعلام المتنوعة، وكل مهتم.. وعدم الاكتفاء باللجان.. وأصرّ هنا على الاستفادة من معرفة وخبرة من اشتغل وعانى، إذ لا يعرف الشوق إلاّ من يكابده..
3- كما أن الاختصاص والاستمرارية والتفرغ والجدية والحزم والنفس الطويل.. شروط ضرورية يجب توفرها للسير على طريق التنمية الإدارية الطويلة والمعقدة، برؤية وخطط شاملة وواقعية وواضحة، ومتتابعة على مراحل..
4- وأن نسير في دراسة اللصعوبات، في اتجاهين:
أ ـ تحرّي أسبابها الداخلية أو الذاتية..
ب ـ وتحرّي أسبابها الخارجية.. × في المستويات الإشرافية والوصائية والموازية والرقابية والمالية.. × وفي النواحي المعيشية والتنظيمية والتخطيطية والتدريبية والتمويلية والتنفيذ والمتابعة..
5- تهيئة المناخ العام التنظيمي والإداري والقانوني والمالي للإصلاح أو التنمية الإدارية المستمرة..
6 - ثم أطرح السؤال الأساس: من سيقوم بكل ذلك، ويشرف عليه ويتابع التنفيذ ويساهم في تجاوز الصعوبات المحتملة؟. لذا، أنهي الكلام بضرورة وجود " المرجع " الوزارة الدائمة للتنمية الإدارية في المجتمع، أو إيجادها إن لم تكن موجودة.. لكي تبدأ السير بخطوات وطيدة مدروسة على طريق الألف ميل، وبدأب وصبر السلحفاة.. لترتفع كفاءة الإدارة وتُرشّد، وتكون معينة على التنمية والإصلاح المستمر.. وليس العكس..
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
آراء ومبادئ، أكدتها مسيرة الحياة الدنيا..
* المُلك لله، الواحد الأحد، الحي الباقي..
الفرق كبير بين العمل العام، المفيد للمجتمع، كما كان شأني في رئاسة: × لجن إنجاز مسلخيْ دمشق وحلب مطلع سبعينيات القرن العشرين.. × ولجنة إنجاز شبكة المخابز الآلية في جميع محافظات سورية وبعض مناطقها، والمخبز العربي منتصف السبعينيات.. × ولجنة إنجاز معمليْ خميرة دمشق وحلب مطلع الثمانينيات، ولجنة توسيعهما مطلع التسعينيات.. × ولجنة إكمال الصوامع وإنشاء المستودعات منتصف التسعينيات.. × ومشاركتي منذ الستينيات في إحداث المؤسسة العامة الاستهلاكية، والشركة العامة للتجزئة، والمؤسسة العامة للمعادن ومواد البناء، والشركة العامة للخضار والفواكه.. × وتطوير الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.... حيث كنت أبذل قصارى إمكاناتي فيها، وأنا أعلم أنها ليست مُلكاً لي وليست لأحد، وإنما يملكها كل الشعب..
وبين العمل الخاص الذي يسعى فيه الكثيرون لجَني الأرباح الخاصة وتكديسها.. فهما بلغت الثروة والأرباح وتعاظمت، فسيتركها صاحبها في الحياة الدنيا، حين يصل إلى أجله المحتوم.. ﴿ كلُّ نفسٍ ذائقة الموت.. ﴾..
* كسْب رضاء الوالدين الحاج عبد السلام والحاجة شريفة أسود، وهو من رضاء الله.. ﴿ وقضى ربك أن لاتعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانا... ﴾ سورة الإسراء 17/23.. منذ مرحلة الصبا والفتوة، حين قررت عدم معارضتهما في أي رأي أو توجيه يبديانه.. بدلاً من الحكي عنهما، كما كنا نفعل أنا وزملائي الطلاب أثناء عودتنا من المدرسة!..
فهما يحبّان " ببلاش " مجاناً لوجه الله، وقد حباهما الله سبحانه وتعالى هذه المحبة اللامصلحية الخالصة.. فهما يريا الحياة الدنيا من خلال أولادهم.. ويكونان مسروريْن حين نكون كذلك، ومزعوجيْن حين نكون كذلك، ومريضيْن حين نكون مرضى.. ولا يقصِّران بتقديم أية مساعدة معنوية ومادية لنا عند اللزوم.. فالوالد يشتغل لكي يقدم الطعام وغيره مما نحتاجه، والوالدة ستْ بيت، تطبخ وتغسل، وتخيط لنا ألبسة خارجية وداخلية..
وقد طفا شعورهما هذا حين سُجنت في 18/12/1952 في سجن المزة.. فالوالدة حين علمت بالخبر العام، كانت تدعو: الله يصبِّر أهاليهم.. وظلَّ الوالد متماسكاً، يكتم حزنه، إلى أن علمتْ الوالدة بأني بين الضباط المسجونين، فلم يعودا يستطيعان المشي، وقعدا على جانبي قاطع في الغرفة الغربية، وأصبح الطعام يقدم إليهما في الغرفة خلال فترة ليست قصيرة..
بعد خروجي من السجن، شعرت بأنهما الوحيدان اللذان أحسّا بي وبشعوري كضابط سابق..
وكانت الوالدة تدعو لي باستمرار: الله يرضى على أحمد، أحمد ابني هه.. كي تُميزني عن أولاد عمي الكثيرين ممن يحملون اسم أحمد، وخاصةً جارنا أحمد ابن عمي كامل.. وحين يمازحها أشقائي: ليش الله ما بيعرف، لمين إنتي عمبتدعي، كانت تُجيب: إنتو ما دخلْكم..
وأعتز كثيراً بأن آخر كلمة لفظتها الوالدة في حياتها الدنيا: أحمد.. نهار الأربعاء، وهي في مرض الوفاة، وذلك حين أتى إليها شقيقي مصطفى قادماً من دمشق..
وأفتخر أيضاً، بأن الوالد قال لصدّيقة قبيل وفاته بدقائق: شو كانت تقول الحاجة أم زكي: الله يرضى على أحمد، أحمد ابني هه.. ثمّ دخل غرفته، واستلقى على سريره، وسلَّم الروح إلى بارئها..
آثار رضاء الله والوالدين كثيرة جداً عليَّ، وتُيَسِّر لي الحياة الدنيا وتسهلها ..
* رزقني المولى ولداً مرضياً بشار.. وأعتقد أني أحسنتُ رعايته وتربيته وتوجيهه ومعاملته منذ طفولته وفي فتوته وشبابه.. وكنت أتظاهر بالحزم معه، لأنه وحيد و" مدلّل ": × في الأسرة من أمه وخالته مامي " أمونة ".. × من الأقارب، والدي وأخوتي، ووالد زوجتي وأمها وأخوتها.. × ومن الجيران.. × ومن السائقين والعاملين في وزارة التموين.. × ومن أصحاب الدكاكين والمحلات في السوق على تنوعهم، لأني منذ طفولته أشغل وظائف مدير عام مكتب الحبوب وأمين عام الوزارة التي تراقب السوق وتراقبهم ثم معاون وزير فيها.. وكل هذه الأوضاع جعلتني أتظاهر بالحزم معه كما ذكرتُ وأكتم محبتي له عنه..
ولكني لم أنسَ أني مسؤول عن رعاية بشار وأخلاقه ومستقبله.. فتعاملت معه بالحُسنى.. فكنت في صغره أُجيبه بصدق على كل أسئلته مهما كانت، بحدود معلوماتي عنها.. وكنت أتابع دراسته بدقة وألاحق دوامه دون انقطاع في الدراسة: الحضانة والابتدائي والإعدادي والثانوي والجامعي، حتى نال شهادة الدكتوراة في الطب وسافر للاختصاص في الولايات المتحدة الأمريكية .. وربَّيتُ عنده الأمانة والصدق والاستقامة والتواضع باطلاعه على أوضاعنا المادية المحدودة، وبأن الوظيفة الكبيرة نسبياً التي أشغلها، هي مؤقتة، وليست دائمة، وسأتركها في أحد الأيام.. وجعلته زميلي وصاحبي في شبابه وقبل سفره إلى أمريكا..
فكان نعم الولد الشاب المُرضي بعد أن تركتُ الوظيفة وتقدمتُ في السن ومرضتُ.. حيث بدأتُ أحصد ما كنتُ زرعتُ، حفظه الله سبحانه..
وقد انعكس إرضاؤه لي، على زوجته وأولاده، فهم يستقبلونني في كل سنة بالترحاب والعناية الفائقة..
* ما عدا الأم والأب، فإن المصلحة، الجزئية أو الكبيرة، بأشكالها الكثيرة المتنوعة هي السائدة في العلاقات بين الأفراد والجماعات والمجتمعات، والدول، والمنظمات المحلية والقومية والدولية، والاتحادات الإقليمية والعالمية.. ومواقف هذه الجهات وغيرها تتبدل وتتطور حسب تطور وتبدّل مصالحها.. ولست بحاجة لتقديم أمثلة..
* الاستقامة المطلقة، وإتقان العمل بالجدّية.. هما شرطا النجاح المتكاملان في مراحل الحياة الدنيا.. ويكفلان لمن يقوم بهما، الاحترام الحقيقي، وهو غير الاحترام الناجم عن مركزه..
الاستقامة بكل معانيها، الأخلاقية والمعاملاتية والسلوكية، في المنزل والحي والمدارس، في العمل العام والخاص والتعاوني وغيرها.. والصدق، مع الذات، ومع الآخرين من رؤساء وزملاء ومساعدين ومرؤوسين، ومواطنين، ومتعاملين، وأجانب، يعتبر من أهم أشكال الاستقامة الأخلاقية، وآثاره معهم أكبر وأفضل على المدى الطويل، فيحترمون أقوالك، ويزدادون ثقة بك..
وإتقان العمل بجد وبتجويده.. يكون ببذل كل قدرات المرء أثناء ممارسة عمله أينما كان، ومهما كانت صفته أو مركزه، ومع أي كان يعمل: مواطن عادي، متعامل، متعاقد، شريك، أجنبي غريب..
* عرضتُ أنموذج تتبع أعمال المرؤوسين والمساعدين، لدى الحديث عن وظيفة التتبع والمساعدة.. حيث تُعدُّ مسبقاً نماذج أوراق، يسجل فيها: × الموضوع الوارد، رقمه وتاريخه واسم الجهة الوارد منها، وملخصه... وكل ما يتعلق به من أحكام قانونية وغيرها إن وُجدتْ.. × ورأي أو مطالعة أو اقتراح جميع من مرّ الموضوع عليهم، ووظيفته واسمه وتاريخ مرور الموضوع عليه وخروجه من عنده.. × إلى أن يصل الموضوع إلى صاحب السلطة بالقرار أو التوجيه.. وفوائد هذا الأسلوب كثيرة: عمل جماعي، تنافس بين العاملين، تحمّل المسؤولية، معرف الرؤساء لإمكاناتهم بما يساعد على اختيار الشخص المناسب للعمل المناسب لها..
* القناعة والرضاء بالواقع، وشكر الله سبحانه وتعالى على نِعمه التي لا يمكن إحصاؤها في كل حال.. فقد عشتُ راضياً بما عندي وقانعاً بأنه جيد، ولا أنظر لما عند الآخرين من أشياء أو ثروات.. كالمذياع " الراديو" والمدفأة الصعيرة.. فالمذياع حسّاس، والمدفأة تدفئ المنزل بنقطة صغيرة منها، كما كان يقول شقيقي زكي..
* وابتعدت عن الغرور الفكري، الذي انتابني في مرحلة الفتوة والشباب، لحوادث مرّت معي..
× كأن أبقى سالماً " فائزاً "، وحامل العلم " كرئيس للفريق " في المسابقات بالتاريخ التي كان يجريها الأستاذ القدير عبد الرزاق الميري..كان يقسم تلامذة الصف الثاني الابتدائي إلى قسمين.. ثمّ يسألُ كل تلميذ منْ يشاء من القسم الآخر سؤالاً، فإذا كانت إجابته صحيحة يصبح من حق المسؤول أن يَسأل.. وإلاّ، تُسجل عليه إصابة، ويستمر السائل بسؤال من يشاء.. وهكذا.. ومن تُسجّل عليه 3 إصابات يخرج من المسابقة.. إلى أن يصاب كل أفراد أحد القسمين، فيكون القسم الآخر رابحا..
كنت أبقى في هذا القسم، برغم أنه كانت توجه لي أسئلة كثيرة، لأني حامل العلم وبمثابة رئيس للفريق..
× وأن أنجح بالدرجة الثانية في امتحان عام لاختيار موظفين، من حملة الثانوية والإعدادية، وعددهم 500، وأنا أحمل الإعدادية..
× وأن يحتفظ أستاذ الأدب العربي الشاعر عمر يحيى في الصف العاشر ثانوي، بدراسة لي عن الشاعر الحُطيئة لأنها كانت ممتازة.. وأن يعطيني الأستاذ ميشيل بللوز في دروس الهندسة الفراغية علامات إضافية كثيرة.. وهي السنة التي كنت أرغب فيها بالتفوّق، لكي أضمن سفري ببعثة دراسية خارجية بعد نيْل الثانوية العامة..
× وأن أنال الدرجة الأولى في امتحان الانتقال من الصف المُستجِد إلى الصف المتقدِّم، في السنة الأولى من الكلية العسكرية.. وأن أتخرج منها بالدرجة 2 ، اختصاص مدرعات..
× وأن أحتل درجة 4/19 في دورة تدريبية في مدرسة القوى المدرعة بأنقرة، بينهم 15 ضابط تركي، ودرجة 6/36 في دورة النقل بإزمير، منهم 35 ضباط أتراك أقدم مني، برتبة ملازم أول..
× وأن أنجح بالدرجة الأولى عام 1957 في دورة مشاة لاجتياز الرتبة من ملازم أول إلى نقيب، اشترك فيها الضباط زملائي في الكلية العسكرية، وضباط فلسطينيون، وبعض متقدّمينا..
× وأن أنجح بالدرجة الأولى في مسابقة الإيفاد ببعثة إلى دورة أكاديمية في الاتحاد السوفياتي عام 1959، برغم أني تقدمت إليها باختصاص مدرعات.. وذلك لإقلال فرص النجاح أمامي من قبل الرائد المصري رئيس فرع التدريب، لأنه كان يُعارض سفري، فمن سيوفد من المدرعات 2 فقط، بينما من المشاة 10..
× وأن أتفوّق في تعلّم اللغة الروسية، بشكل بارز على ضباط مجموعتي السابعة، وعلى جميع ضباط البعثة..
× وأن أكون عام 1961 أحد أربعة ضباط نالوا درجة " امتياز " في الامتحان النهائي لدورة أكاديمية فرونزة، من أصل 47 ضابط، منهم 31 مصري، 16 سوري..
× وأن أنال عام 1962، علامة 90/100 في مادة الحقوق الدستورية، ثم علامة 85/100 في مادة الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد، اللتين قدمتهما في الصف الأول من كلية الحقوق بجامعة دمشق..
× . . . . . . . .
* دفعني للابتعاد عن الغرور الفكري، بل إلى التواضع..
× تأمّلي في ستينيات القرن العشرين خزانة كتبي في المنزل، إذ لم أكن قرأت كل كتبها ومحتوياتها.. برغم أنها لا تُقارن، عددياً على الأقل، بما تحتويه دار الكتب الوطنية في حلب، ومكتبة الأسد الوطنية في دمشق، ومكتبة لينين في موسكو، ومكتبة الكونغرس في واشنطن..
× تفكيري بما ينشر من صحف ومجلات وكتب ومعلومات ونشرات ودعايات متنوعة كثيرا.. في أنحاء العالم كله.. فهل يوجد من يستطيع الاطلاع عليها وإدعاء معرفتها جميعها؟..
× وحَسم الموضوع، التطورُ الفلكي المتسارع في العالم ومجتمعاته ومنظماته وأفراده، منذ منتصف القرن العشرين.. في أدوات الاتصالات والمعلوماتية، ذات الأفكار الغزيرة المتنوعة جداً، والآنية في تلقيها وترتيبها وتبادلها بشكل فوري بين الجميع، داخلياً وخارجيا.. مما ألغى، مع شبكاتها ومواقعها الكثيرة والمحطات الإذاعية والفضائية والهواتف الجوالة وغيرها، الحدودَ، واختصر المسافات، وأزال الحواجز، واستباح حرمات المنازل، وجعل الكرة الأرضية " قرية مفتوحةً ".. وجعل النشاط البشري بكل أشكاله مستمراً، في الأرض والجو والبحر.. مما يجعلني أشك في أن " إنساناً " ما يستطيع إدعاء معرفتها جميعها، ويسمي نفسه " موسوعياً "..
وأعتقد أنه زاد في الدول المتخلفة من خطورة الأمّية المعلوماتية، علاوة على الأمية الكتابية في الأصل..
* يبقى في الذاكرة الأساتذة والضباط.. من حياتي الدراسية والعسكرية..
× محمد سعيد الخطيب، مدير مدرسة النجاح الابتدائية..كان طلاب الصف الخامس ينجح جميعهم في فحص الشهادة الابتدائية، الذي كان خارجياً ويتضمن فحصاً كتابياً وشفهيا.. وكان حازماً يفرض الانضباط..
× عبد الرزاق الميري، مدرِّس التاريخ في الصف الثاني الابتدائي .. وكان يفرض الانضباط..
× نعمان سخيطة، مدرِّس اللغة العربية في الصف السادس الإعدادي.. وكان يفرض الانضباط..
× كميل عرقتنجي، مدرِّس اللغة الفرنسية في الصف السادس الإعدادي..
× شويكة، مدرِّس اللغة الفرنسية في الصف الثامن والتاسع الإعدادي، والعاشر الثانوي..
× عبد الغني الجودة، مدير التجهيز الأولى " السلطاني " في حلب..
× وهبي الحريري، مدرِّس الرسم في الصف السادس الإعدادي.. كان وطنياً، ويحرضنا ضد الفرنسيين..
× شكيب الجابري، كان وطنياً، ويشترك معنا في المظاهرات ضد الفرنسيين وأتباعهم..
× عمر يحيى، الشاعر، مدرِّس الأدب العربي والشعر في الصف التاسع إعدادي، والعاشر ثانوي..
× ميشيل بَللوز، مدرِّس الهندسة الفراغية في الصف التاسع إعدادي، والعاشر ثانوي..
× الرئيس غسان جديد، آمر دورتي في الصف الأول من الكلية العسكرية..
× المقدّم الركن، رئيس أركان مدرسة القوى المدرعة في أنقرة..
× العقيد نوفل شخم، قائد الجيهة الجنوبية الغربية، ومركزها القنيطرة..
× الرئيس الأول الركن المجاز جودت الأتاسي رئيس فرع العمليات، الشعبة الثالثة برئاسة الأركان العامة..
× العقيد الركن المجاز رياض كيلاني، رئيس الشعبة الثالثة برئاسة الأركان العامة..
× السيدة نينا سيميونَفْنا بِتْروفا، مدرِّسة اللغة الروسية، السنة الأولى، من بعثة الاتحاد السوقياتي..
× العقيد سَرَكَفوي sarakavoy، أستاذ الشؤون الإدارية " المؤخرة " في بعثة الاتحاد السوفييتي..
× مصطفى أخمد الزرقا، أستاذ الفقه الإسلامي والحقوق المدنية في الصف الأول والثاني من كلية الحقوق..
* الاستقرار على الرأي والقرار والموقف.. بعد دراسة أي موضوع دراسة متأنية ومشورة وجماعية.. وعدم التراجع عنه، إلاّ بعد مستجدات أو براهين حديثة.. وأشبه موقفي هذا، بما يجري مع السوائل والجوامد..
إذا وضعنا وعاءً فيه ماء على مدفأة مازوت مُطفأة، يكون الماء وجسم المدفأة بدرجة واحدة.. إذا أشعلنا المدفأة، بعد قليل تسخن هي وجسمها، وتصبحُ بواريها حمراء، ولكن إذا مسسنا الماء نراه ما زال فاتراً بعض الشيء، ثم يسخن تدريجياً، ثم يغلي.. إذا، أطفأنا المدفأة بقطع المازوت عنها، نجدها " تُطقْطِقْ " وتبرد بسرعة.. ولكن الماء ما يزال في حالة غليان، ويأخذ وقتاً طويلاً ليبرد..
أستنتِجُ من هذه التجربة أن الجوامد تسخن وتبرد بسرعة، بينما السوائل تسخن وتبرد ببطء..
فعلى المرء أن يتشبه بتعامل السوائل مع الحرارة، ويستقر على آرائه وقراراته ومواقفه، ليكون متزناً، ويحترمه معاونوه فعلياً.. وإلاّ، يكون متقلباً في أوضاعه " ومُذبذباً " في مواقفه، وهذا غير سليم، سواء كان رئيساً أو مرؤوساً أو مساعداً أومستشاراً أو غبر ذلك، ويفقد الاحترام الفعلي..
ولكن الاستقرار الذي أعتبره، غير " الثبات " فهذا جمودٌ لا أُقرُّه، في عالم متحرك ومتطور باستمرار..
* الحذر من ارتكاب الانحراف الأول، أو الخطأ الأول.. فإنه يتسع ويكبر تدريجياً مع الزمن.. ويجرّ الانحرافاتِ الأكبر.. فيصعب الرجوع عنه.. ويعتاد عليه المرؤوسون!. ويصبح المنحرف ذليلاً لمن رشاه وحرفه.. يقول المثل الشعبي: من يسرق بيضة يسرق جملاً.. وهكذا..
* المتعاقد شريك في تنفيذ العقد، وليس خصماً.. هناك حقوقٌ والتزامات ترتبت على الطرفين المتعاقدين.. فليُنفذَ العقد جيداً، يجب أن ينال كل متعاقد حقوقه لمجرّد تنفيذ التزام عليه، ليستطيع تنفيذ بقية التزاماته حسب البرنامج، ويجب أن نساعده على ذلك.. وخاصةً في دفع مستحقاته المالية، التي يسعى الماليون لتأخيرها!.
أشبه العقد، بجسم ثقيل، اتفق شخصان على إنزاله من طابق علوي في بناء.. فإن هما بذل كلٌ منهما جهده "التزاماته " لتحقيق ذلك، وصلا بالجسم الثقيل إلى الأسفل بسلام.. وإلاّ، فإن " تشاطر " أحدهما أو كلاهما أتناء الإنزال، يقع الجسم، وقد يتكسّر، فيتأخر البرنامج، وتبدأ الصعوبات والمشاكل التي تتطلب وقتاً وجهداً لمواجهتها وحلّها.. وتتبعها الغرامات والجزاءات.. وهذا كله لا يصب في مصلحة أي منهما..
لذا تعاملْ مع المتعاقد كشريك وساعده، وليس خصماً تُشاكسه..
وأحمد الله، أن حميع العقود المختلفة الكبيرة التي أجريتها، وتبلغ قيمها بملايين الدولارات الأمريكية، سارت كلها على هذا المنطلق.. واستُلِمت في أوقاتها المحددة، دون خلافات، وتحكيم، وقضاء، وغرامات..
* التمدين لا يتجزأ، وكذلك التخلف..
وهذا ما يُميز الدول والمجتمعات والأفراد عن بعضها.. فالمجتمعات المتقدمة تتمتع في المرحلة الحالية بصفات علمية ومدنية وتقنية متطورة باستمرار، على عكس المجتمعات والأفراد المتخلفين، حيث يسود الجهل مثلاً، برغم أن أول كلمة أنزلت في القرآن الكريم هي: إقرأ.. ويدعونا القرآن الكريم إلى الاستعداد بكل أنواع القوة ﴿وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل.. ﴾.. لأن كلمة " قوة " جاءت بصيغة نكرة، أي أنها شاملة لكل أشكال القوة المتعددة كثيراً جداً، والمتطورة عبر التاريخ..
* عدم التوقف عن التفكير، وعن تشغيل المخ، مهما طال العمر، وإلاّ، تتوقف الحياة الدنيا.. ويعيش المرء، شبه " ميت " برغم أنه حيٌّ بجسمه.. فعلى المرء الاهتمام بما يستطيع، بأن يستحدث لنفسه اهتمامات وعادات في مجالات متعددة، بما يشغل به وقته على نحو مثمر، فضلاً عن الصحة الجسدية.. × وخاصة الكتابة ونقل الخبرة والذكريات إلى الأجيال الصاعدة.. × المطالعة والقراءة ومتابعة وسائل الإعلام، بحسب الميول، فالكتب والمجلات وجميع ما يُنشر، يشابه بستاناً يحوي دائماً وباستمرار كل أنواع الفواكه والخضروات، في مواسمها أو غير مواسمها.. × دخول عالم الحاسوب، فكل الأجيال تستطيع التعامل معه، ويُدخل من تقدّمت به السن في عالم فسيح من الاتصالات والمعلومات والآفاق، التي لا حصر لها وتنسجم مع كل الأذواق والميول، وكل امرئ يجد فيها ما يتفق مع أفكاره ورغباته وحاجته.. × وحفظ كل ما من شأنه تنشيط الذاكرة والمحافظة على قدرتها..
* إن العناية بالجسم بالرياضة أو التمارين ضعيفة في الشرق وفي بلادنا.. لذا نجد الكثيرين من الناس سماناً مترهلين بعد سن الأربعين.. ولكنهم لا ينسون المظهر الخارجي والهندام والوجه.. وأعتقد أن ما مِن أحد، نساءً ورجالاً، كباراً وصغاراً، إلاّ ويقف أمام المرآة قبل خروجه من منزله، ليصلح منظره وزينته.. ونسيتُ جسمي في الفترة بين الثلاثين من العمر والأربعين، فسمِنْتُ وترهلتُ.. ولم يعد جسمي كما كان بعد إنزال وزني..
* يسعى كل إنسان لكسب الاحترام والحب عند الآخرين.. وهذا منطقي..
أسوأ الحالات أن يكون المرء غير محترم وغير محبوب..
وإذا فرّقنا بين الحب والاحترام، فإني أُرجح السعي للحصول على الاحترام، وخاصة من المرؤوسين والمتعاملين والأجانب، وقد يتبعه الاحترام بعد ذلك..
* الإمكانات والقدرات المختلفة مهما كبرت أقل من الطموحات.. عند الأفراد والأسر والجماعات والمنظمات والمجتمعات والدول والاتحادات.. ولكنهم يستهدفون دوماً الوصول إلى أحسن النتائج..
وهذا ممكن، إذا رفعتْ مستوى إدارتها ورشّدتها، لأن هذا هو دور الإدرة، الذي أُلخصه بحُسن استخدام الإمكانات المتاحة لتحقيق أهدافها.. وهذا ما فعلته اليابان بعد الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين..
* التعوّد على الصبر، فهو من عزم الأمور.. ﴿ ... واصْبِر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. ﴾ سورة لقمان 31/17.. و ﴿ فاصبرْ كما صبرَ أولو العزم من الرُسُل... ﴾ سورة الأحفاف 46/35.. والله مع الصابرين.. ﴿ ... والله يُحبُّ الصابرين. ﴾ سورة آل عمران 3/146..
فالحياة الدنيا لا تسير على وتيرة واحدة، وإنما تنتابها صعوبات ومشاكل، كما يقال: تجري الرياح بما لا تشتهي السُفُنُ.. فقد سُجنت في شبابي، وسُرّحتُ من الجيش مرّتين، ومرضتُ بآلام الظهر في كهولتي، وشغلتُ أعمالاً لا تنسجم كثيراً مع إمكاناتي، وغير ذلك.. ولكني لم أيأس أو أتوقف عن النشاط الإيجابي، فأستدرك ما فاتني بالتنقل من اختصاص إلى اختصاص آخر، كأن أدرس الحقوق في الجامعة وأنا في العقد الرابع من عمري بعد أن نُقلتُ من الجيش، لكونها تفيدني في السلك المدني الذي استمر ثلث قرن من الزمن.. هذا، وقد وردت كلمة "الصبر " ومشتقاتها أكثر من 100 مرَّة في آيات القرآن الكريم..
* اتباع العمل الجماعي والمشورة، وعدم التفرد و " الأنا "..
يتطلب النشاط البشري والإدارة، مساهمة كل عضوٍ في التجمّع لإنجاحه، لتصبّ إمكاناتهم في بوتقة واحدة.. فاليد الواحدة لا تُصفّق، والطير لا يطير دون أجنحة، والمرء كثيرٌ بإخوانه.. يقول مثل تركي: يموت الإنسان 3 مرات: مرةً حين يقول: صرْتُ.. ومرّة حين يقول: متُّ.. ومرّة حين يموت.. فأحد أشكال الموت هو الغرور.. والغرور قتَّال..
تنصب الآثار السلبية " للتفرُّد " على:
× الإداري ذاته.. لأنه يصبح أطرشاً وأعمى وينتهي إلى الانعزال، وإلى التفرد بالعمل، برغم أن الاختصاصات كثيرة التنوع.. وخاصةً حين يُسمى لمركزه حديثاً، فلن يستطيع تعرُّف جميع اختصاصات المركز وواجباته وما يتصل بها، لوحده، إن لم يتعرَّف ويطَّلع على آراء الآخرين وتجاربهم ومقترحاتهم.. أو حين ينقل من محيط إلى محيط يختلف كثيراً عن سابقه، كما كان حالي حين انتقلت من الجيش إلى السلك المدني..
× العاملين معه.. فالقديرون، وأصحاب الرأي والخبرة يبتعدون عنه.. ويتقرب منه الانتهازيون والمنافقون و"مساحو الجوخ "، ويبدون الإعجاب بتصرفاته ويمتدحونه، فتزداد عزلته ووحدته، ويتفاقم غروره وتفرّده..
× المنظمة.. التي يرأسها، خاصةً إذا تعلقت تصرفاته بموضوعات عامة، كالخطط لأن نهج " الأنا " يؤديً إلى مركزية ضيقة.. وتمتد الآثار السلبية على المنظمة إلى ما بعد المرحلة التي يترك فيها " المتفرِّد " مركزه.. إذ تكون الأوضاع مهلهلة، تحتاج إلى زمن طويل لتصحيح الأوضاع واتباع العمل الجماعي والشورى..
ولكني أشير إلى أن الثقة بالذات والاعتداد بالنفس من الصفات المرغوب توفرها في الرؤساء، وهي غير " الأنا" والسلوك التفردي، فهو صفة سلبية يجب الابتعاد عنه..
* لم يكن للمرحوم والدي، برغم أنه ميسور الحال، حساب " مدين " لدى السمان والخضري واللحام وطبيب الأسنان وغيرهم.. بخلاف المعتاد في الحارات من أقاربنا وجيراننا.. وكذلك، اتبعت مع زوجتي أم بشار ذات الأسلوب.. وكانت أم بشار إذا اضطرت للاستدانة، تدفع ما عليها في اليوم التالي.. وقد تأكدت من ذلك بعد وفاتها، رحمها الله..
* * *
We welcome your questions and queries. Please see our Contact Us page for complete contact information.
Dabas Management
1155 Camino Del Mar
Suite 411
Del Mar, CA 92014
ph: 8583536567
fax: 8587949545
alt: 8587949545
ahmadada